عناصر الخطبة
- لا تكتمل مقومات السعادة في هذه الدنيا
- الدنيا دار ابتلاء
- أهمية الرضا عن الله في كل الأحوال
- مساوئ السخط على أقدار الله
- أهمية الصبر عند المصائب
- ثمرات الرضا عن أقدار الله تعالى.
اقتباس فاعلم أن مَن خلقه الله للجنة لم تزل تأتيه المكاره، والمصيبة حقًّا إنما هي المصيبة في الدين، وما سواها من المصائب فهي عافية، فيها رفع الدرجات، وحط السيئات، وكل نعمة لا تُقرِّب من الله فهي بلية، والمصاب من حُرِمَ الثواب، فلا تأسَ على ما فاتك من الدنيا، فنوازلها أحداث، وأحاديثها غموم، وطوارقها هموم، الناس معذَّبُون فيها على قدر همهم بها، الفرح بها هو عين المحزون عليه، آلامها متولدة من لذاتها، وأحزانها من أفراحها…
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ وَلَا عُدْوَانَ إلّا عَلَى الظّالِمِينَ وَلَا إلَهَ إلّا اللّهُ إلَهُ الْأَوّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَقَيّومُ السّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَالِكُ يَوْمِ الدّينِ, لَا فَوْزَ إلّا فِي طَاعَتِهِ وَلَا عِزّ إلّا فِي التّذَلّلِ لِعَظَمَتِهِ وَلَا غِنًى إلّا فِي الِافْتِقَارِ إلَى رَحْمَتِهِ وَلَا فَلَاحَ إلّا فِي الْإِخْلَاصِ لَهُ وَتَوْحِيدِ حُبّهِ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسّمَوَاتُ وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ وَبِهَا أَرْسَلَ اللّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتْ الْمَوَازِينُ وَوُضِعَتْ الدّوَاوِينُ وَقَامَ سُوقُ الْجَنّةِ وَالنّارِ وَبِهَا انْقَسَمَتْ الْخَلِيقَةُ إلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفّارِ.
وَأَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ وَخِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ, أَرْسَلَهُ اللّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَإِمَامًا لِلْمُتّقِينَ وَحُجّةً عَلَى الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ, اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد فاتقوا الله..
كل إنسان يسعى لتكتمل له كل مقومات السعادة في هذه الدنيا، ويحاول أن يحوي كل أطرافها، ويحوز عليها من جميع جوانبها, ولكن هيهات، فهذه هي الدنيا إن أعطت أخذت، وإن أفرحت أترحت، وإن أضحكت أبكت، وإن جمعت شتَّت، تتنوع فيها الابتلاءات، وتتعدد فيها الامتحانات، يتقلب العباد فيها ما بين شدة ورخاء وسراء وضراء, ومن رام راحة تامة, واستقرارًا دائمًا, وتحصلًا على كل ما يريد, فقد رام المحال, وتطلب الخيال, فليس ذلك بكائن, ولم يتحقق ولا لصفوة الخلق, بل من تأمل حياتهم وجدهم أكثرَ الناس بلاء, لأنهم أكثرُ الناس إيمانًا, وأمثلُهم خصالًا.
ومن تأمل الدنيا, ونظر في أحوالها, علم أن الله يبتلي فيها الصلحاء وغيرهم, والمسلمين وسواهم, ووجد الدنيا لا تصفو على حال, فمن سعد اليوم ببشارة فالأيام حبلى المصائب, ومن ساءه يومُه سرَّهُ غده.
كم من امرئ بات مطمئنًا فأصبح على خبر مصيبة, جاءت الأخبار أن الولد مات أو أن المال خسر أو أن المرض حلّ, وهنا فكم نحتاج إلى ذلكم العمل الجليل والأمر الذي به راحة الدنيا والأخرى, كم نحتاج إلى أن يكون في قلوبنا نورها وبلسمها, الرضى عن الله في كل أحوالنا.
إن العبد بطبعه تؤلمه المصيبة, فمن ذا الذي لا يتألم حين يرى الضعف يعصف به وكل يوم وحاله أسوأ, أو حين يرى الناس من حوله رُزِقوا الذرية وهو قد حُرِم منها, من الذي لا يتألم وهو يرى أبناءه قد حيل بينه وبينهم إما بمرضهم أو بسجنهم أو بموتهم, ولكن القلب حين يرضى عن الله فلا تسل عن سعادة القلب وانشراح العبد.
يا مؤمن: من الذي يدبر الكون, من الذي يختار للعباد, ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[القصص: 68]، من الذي رعاك -أيها المرء- بنعمائه منذ كنتَ حملًا ثم يومَ كنت رضيعًا ثم كنتَ طفلًا ثم كبيرًا؟ من الذي أولاك النعم وتابع عليك الإفضال والمنن, أليس هو الله؟ أليس كل شيء فالله خالقه والله مدبره, أليس كل مخلوق فالله مقدِّرُ أمورِه, أليس الله هو الرحيم الذي هو أرحم بنا من والدينا ومن أنفسنا؟ أوليس هو الحكيم الذي لا يقدر أمرًا إلا لحكمة وإن غابت تلك الحكمة عنا؟ أوليس هو اللطيف الذي لطف في قضائه والرحيم الذي رحمته وسعت كل شيء, والمالك والملك الذي ما في الكون شيء إلا وتحت ملكه؟ فهل يعترض أحدٌ على تقديره, وهل يظن أحد أن قدَر الله واختياره له سيكون أحسن من اختياره لنفسه؟ إن من ظن ذلك, وجزع عند البلاء, وتبرم عند نزول القضاء, فذاك ما عرف الله حقًّا.
إن السخط على أقدار الله شتاتٌ للقلب وبابٌ للهم, والرضا يخلص المرء من ذلك, فبه يسعد ويذوق حلاوة الإيمان؛ “ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا..”.
معشر الكرام: حين ينزل القدر المؤلم, فأنت ترى من الناس من يسخط, وذاك محروم, لأن الأقدار تقع على كل أحد, وإنما يتفاوت الناس بتقبلهم لها, وليس في السخط إلا فوات الأجر وغمّ القلب وحزن العبد, وقد قال علي –رضي الله عنه-: “إنك إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور“.
ومن الناس من يتحلى بالصبر عند المصائب, فلا يتلفظ بما يعارض قضاء ربه, ولا يجزع عند المصيبة, وأرفع من ذلك أن يرضى عن الله في تلك المصيبة, وفي الأخبار أن إبراهيم بن إسحاق الثقفي قال: “أجمع عقلاء كل أمة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه“.
وتأمل كيف كان سيد الخلق ق في الرضا عن الله في أقداره, قَلِّب نظرك في المصائب بأنواعها, والبلايا على تعدد صورها فلن تجد شيئًا منها إلا ورسول الله قد ناله منه, الأبناء ماتوا, والبنات كذلك إلا واحدة, زوجتان من نسائه رحلا عن الدنيا, والداه ماتا وخلفاه يتيمًا, إن أصيب بالمرض كان عليه مضاعفًا فهو يوعك كما يوعك الرجلان من غيره, وأما الدنيا فعاش الفقر والكفاف, ربما مكث المدة ليس في البيت إلا الماء ويمر الشهران وما أوقد في أبياته كُلِّها نار, فراشه جلد, ومتكأه الحصى, وبساطه الحصير, وهو في كل هذا راضٍ عن ربه, أسعدُ الناس قلبًا برغم تعدد مصائبه وتنوع بلاياه, قال عنه أنس –رضي الله عنه-: “خدمته –صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن ثمان سنين وخدمته عشر سنين فما لامني على شيء قط أتى فيه على يدي وإن لامني لائم من أهله قال دعوه فإنه لو قضى شيء لكان“.
وإذا كانت تلك حاله, فلا عجب أن تكون حاله أتباعه كذلك, لما قدم سعد بن أبي وقاص -رضى الله عنه- إلى مكة وقد كُفَّ بصرُه جعل الناس يهرعون إليه ليدعو لهم فجعل يدعو, قال عبدالله بن السائب: فأتيته وأنا غلام فتعرفت إليه فعرفني فقلت: يا عمّ أنت تدعو للناس فيشفون فلو دعوت لنفسك لرد الله عليك بصرك فتبسم ثم قال: “يا بني قضاء الله أحب إليَّ من بصري“.
وأما عمر بن عبد العزيز فقد مات في أيام متتابعة ابنه عبد الملك, وأخوه سهل, ومولاه مزاحم فدخل عليه الربيع بن سبرة فقال: “عظّم الله أجرك يا أمير المؤمنين، فما رأيت أحدًا أصيب بأعظم من مصيبتك في أيام متتابعة، والله ما رأيت مثل ابنك ابنًا ولا مثل أخيك أخًا ولا مثل مولاك مولى قط“. فطأطأ رأسه, قال الربيع: “فقال لي رجل معه على الوسادة لقد هيَّجت عليه, ثم رفع رأسه فقال كيف قلت الآن يا ربيع فأعدت عليه ما قلت أولاً, فقال: “لا والذي قضى عليهم الموت ما أحب أن شيئًا كان من ذلك لم يكن“.
وقال عامر بن عبد قيس: “ما أبالي ما فاتني من الدنيا بعد آيات في كتاب الله قوله: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾[هود: 6] وقوله: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[فاطر: 2]، وقوله: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[الأنعام: 17]”.
ورحم الله ابن عون؛ إذ يقول وهو يوصي أحد إخوانه: “ارض بقضاء الله على ما كان من عسر ويسر؛ فإن ذلك أقلّ لهمك وأبلغ فيما تطلب من آخرتك, واعلم أن العبد لن يصيب حقيقة الرضا حتى يكون رضاه عند الفقر والبؤس كرضاه عند الغناء والرخاء, كيف تستقضى الله في أمرك، ثم تسخط إن رأيت قضاءه مخالفًا لهواك, ولعل ما هويت من ذلك لو وفق لك لكان فيه هلكتك, وترضى قضاءه إذا وافق هواك وذلك لقلة علمك بالغيب وكيف تستقضيه, إن كنت كذلك ما أنصفت من نفسك ولا أصبت باب الرضا“.
وعن أبي عمرو الكندي قال: “أغارت الروم على جواميسَ لبشير الطبري نحوًا من أربع مائة جاموس. قال: فاستركبني فركبت معه أنا وابن له. قال: فلقينا عبيده الذين كانوا مع الجواميس معهم عصيهم، قالوا: يا مولانا ذهبت الجواميس، فقال: وأنتم أيضًا فاذهبوا معها فأنتم أحرار لوجه الله. فقال له ابنه: يا أبت أفقرتنا! فقال: اسكت أي بني إن ربي -عز وجل- اختبرني فأحببت أن أزيده“.
إنهم يرضون عن الله في قضائه لأنهم قد فوَّضوا له أمورهم, فهم علموا كمال حكمته ورحمته, ولأنهم مسلمون سلَّموا له أمورهم، ولأنهم محبُّون له، والمحب يرضى بما يعامله به حبيبه؛ إنهم يرضون بما قدَّر الله لعلمهم أنه لن يقدر عليهم إلا الخير لهم, وعجبًا لأمر المؤمن فأمره كله له خير, والمرء ولو رأى القضاء شرًّا فإن نظره قاصِر، وعلم الله كامل, فليعلق العبد أمره بالحق –سبحانه-, كم من أمرٍ سعى لنيله المرء فصرف عنه فتبرم العبد، وتتجلى الأمور وتتبدى الأحوال، وإذا عين الخيرة له أن صرف الله عنه نيله, وكم من امرئ وقع له أمرٌ فضجر وتبرم، وتمنى لو حصل له غيره وتمر السنين ويرى حينها أن الخيرة فيما يختاره الله, فهو خير له وربما لو كان لغيره لم يكن خيرًا له فقضاه الله لهذا ولم يقضه لهذا, ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
وفي الأثر عن عبد الله بن مسعود قال: “إن الرجل ليشرف على الأمر من التجارة أو الإمارة حتى إذا رأى أنه قد قدَّر عليه ذكره الله فوق سبع سموات، فيقول للملك: اذهب فاصرف عن عبدي هذا، فإني إن أيسره له أدخله جهنم، فيجيء الملك فيعوقه فيصرف عنه فيظل يتطير بجيرانه دهاني فلان سبقني فلان وما صرفه عنه إلا الله“.
قال ابن عمر: “إن الرجل ليستخير الله فيختار له فيتسخط على ربه، ولا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له“.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإلى من أصابتهم المصائب, إلى مَن تبدلت عليهم الأحوال, إلى مَن بُلِيَ بفقد قريب أو ذهاب مال أو اعتلال صحة, إلى من أضناه الفقر أو ألهب قلبه الهمَّ إلى من عاش الغربة, أو حُرِمَ الذرية, إلى كل مبتلًى بمصيبة, ومَن يسلم من المصائب, يا هؤلاء: إن كان الله قد ابتلاكم اليوم فتذكروا أنه سبق ذلك إنعامٌ منه متواصل وإحسانٌ لا يُعَدُّ.
فهل يليق بنا أن نرضى عن الله عند النعم، ونسخطه عند المصائب, وأن ننسى الإنعام الكثير ونسخط عند الابتلاء اليسير, وهل يريد المرء أن تدوم له على الرخاء, بلا كدر ولا ابتلاء, فالدنيا طبعت على كدر فكيف تريدها صفوًا من الأقذاء والأكدار.
يا أيها المبتلى: إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه, ليرى ما في قلبه من حبه والرضا به وعنه, فإن نجح في الامتحان وصبر على البلاء ورضي بالضراء أكرمه الله وقرَّبه, وإن سخط وتبرَّم تبيَّن أنه لم يصدق مع ربه, فكيف يدَّعِي حبَّه، وهو لا يرضى بقدره, وفي الصحيح “مَن يرد الله به خيرًا يُصِبْ منه“.
إن الله إذا منعك أمرًا فلم يمنعه مِن بخل ولا عدم، بل لأنه نظر في خير عبده المؤمن فمنعه اختيارًا وحسن نظر.
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر *** والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا *** وفي اختيار سواه اللوم والشوم
يا أيها المبتلى! كم من أمرٍ أعطاكه إياك مولاك وحرمه غيرَك, كم من شرٍّ دفعه عنك ربك, إن كان المال قد ذهَب فالعوض عن قريب, وإن كان الولد قد ذهب فما هو إلا وديعة أعطاكه ربك مدة، ثم أخذه لتراه أحوج ما تكون إليه ولينفعك يوم لا ينفعُك إلا عملك أو ولدك يشفع لك, وإنما المهم أن الدين قد سلم.
يا أيها المبتلى: تذكر ما قاله شريح -رحمه الله-: “ما أصيب عبدٌ بمصيبة إلا كان له فيها ثلاث نعم: أنها لم تكن في دينه، وأنها لم تكن أعظم مما كانت، وأن الله رزقه الصبر عليها إذ صبر“.
وبعد أيها المبارك: فاعلم أن مَن خلقه الله للجنة لم تزل تأتيه المكاره، والمصيبة حقًّا إنما هي المصيبة في الدين، وما سواها من المصائب فهي عافية، فيها رفع الدرجات، وحط السيئات، وكل نعمة لا تُقرِّب من الله فهي بلية، والمصاب من حُرِمَ الثواب، فلا تأسَ على ما فاتك من الدنيا، فنوازلها أحداث، وأحاديثها غموم، وطوارقها هموم، الناس معذَّبُون فيها على قدر همهم بها، الفرح بها هو عين المحزون عليه، آلامها متولدة من لذاتها، وأحزانها من أفراحها..
يقول أبو الدرداء: “من هوان الدنيا على الله أنه لا يُعصَى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها“، فما أحرى المؤمن إلى أن يرضى عن الله في أقداره وتدبيره, وإلى أن يوقن أن الله أحكم الحاكمين, وأرحم الراحمين, وإلى أن يقرّ في القلوب التسليم والرضا والإذعان بما يقضيه علام الغيوب.
ومن دعاء عمر بن عبد العزيز: “اللهم رضني بقضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته ولا تأخير شيء عجلته, فاللهم رضنا بقضائك وبارك لنا في قدرك“.