هود عليه السلام هو فيما يقال : هود بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام، وقيل غير ذلك .أرسله الله تعالى إلى قومه ﴿عاد ﴾ يأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له ويرغبهم في طاعته واستغفاره ويعدهم على ذلك بخيري الدنيا والآخرة .قوم عاد كانت مساكنهم في أرض الأحقاف، من جنوب شبه الجزيرة العربية الأحقاف شمال حضرموت، وشمال الأحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عُمان . وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار .وقد وصفهم الله بصفات، فقد كانوا :1/ أقوياء أشداء، ممن زادهم الله بسطة في الخلق . 2/ مترفين في الحياة الدنيا، قد أمدهم الله بأنعام وبنين، وجنات وعيون، وألهمهم أن يتخذوا مصانع لجمع المياه فيها، وقصوراً فخمة شامخة، إلى غير ذلك من مظاهر النعمة والترف .3/ يبنون على الروابي والمرتفعات مباني شامخة، ليس لهم فيها مصلحة تقصد إلاَّ أن تكون آيةً يتباهون بها، تُظهر قوتهم وبأسهم في الأرض .4/ أهل بطش، فإذا بطشوا بطشوا جبارين .5/ أصحاب آلهةٍ من الأوثان، يعبدونها من دون الله .6/ ينكرون الدار الآخرة ويقولون : ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ [المؤمنون : 37]. دعاهم هود عليه السلام، كما قال تعالى :﴿كَذّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتّقُونَ * إِنّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَبْنُونَ بِكُلّ رِيعٍ آيَةً تـَعْبَثُونَ * وَتَتّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتّقُواْ الّذِيَ أَمَدّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء : 123-135]. كذبوا نبيهم هودًا، وردوا عليه بما أجمله القرآن الكريم في قول الله تعالى : ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [الأعراف : 66]. أرسل الله تعالى عليهم العذاب بالريح العقيم، قال الله تعالى : ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ(42)﴾ [الذاريات :41-42]. محصل القصة أن الله سبحانه أرسل رسوله هودًا عليه السلام إلى قومه يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الصمد، ويطلب منهم نبذ عبادة غيره من الأوثان والآلهة، فاستخف به قومه، وسخروا منه، واستمروا في طغيانهم يعمهون، فعاقبهم الله على موقفهم، بأن أرسل عليهم ريحًا قوية، استأصلت شأفتهم، وجعلتهم حصيدًا، ونجَّا الله هودًا والذين معه من المؤمنين . قال ابن كثير : وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع؛ ليعتبر بمصرعهم المؤمنون .آمن بهود عليه السلام بعض قومه، فنجاهم الله مع هود، فلم يصبهم من تلك الريح إلا نسيم العليل الذي تلين به الجلود وتلذ به النفوس .
ماذا نفعل بعد ذلك
نعرف أن الطغيان والفساد في الأرض ينتج من الابتعاد عن الخالق سبحانه وتعالى .
ونعرف صبر الأنبياء على أقوامهم في سبيل دعوتهم إلى التوحيد، والنجاة من الشرك .
أن نحذر من الشرك الذي كان سببا مباشرا في خسارة قوم عاد لدنياهم وأخراهم .
لم تنفعهم قوتهم، ولم ينفعهم جبروتهم في دفع العذاب عنهم .