بطاقة المادة
المؤلف | خالد بن محمد بابطين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
بر الوالدين | العربية |
بر الوالدين | العربية |
بر الوالدين (1-2) | العربية |
عناصر الخطبة
اقتباسهكذا الأب -أيها المسلم-؛ يجوع لتشبع، ويعرى لتَلْبَس، ويشقى لتسعد، ويتعب لترتاح، إذا مرضت داواك، وإذا بكيت أرضاك، وإذا ضحكت فرح، وإذا نهضت أتبعك النظر، وإذا جلست أتبعك الدعاء. لقد فقه الصالحون هذا الأمر فضربوا أروع الأمثلة في بر الوالدين والإحسان إليهما…
حدث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أصحابه يومًا عن رجل من بني إسرائيل أنه قال: "اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران"، وفي رواية: "أبوان ضعيفان فقيران، ليس لهما خادم ولا راعٍ ولا ولي غيري، فكنت أرعى لهما بالنهار وآوي إليهما بالليل، وكنت لا أُغْبقُ قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي في طلب شيءٍ يومًا فلم أُرِحْ عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، وكرهت أن أُغْبِقَ قبلهما أهلاً أو مالاً، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما"، وفي رواية: "وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع"، وفي رواية أخرى: "والصبية يتضاغون عند قدمي حتى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما".
أنموذج من البر عجيب، يكاد المرء يظنه ضربًا من الخيال لولا أن المخبر به هو الصادق المصدوق –صلى الله عليه وسلم-.
أيها الإخوة: بر الوالدين وصية الله ربّ العالمين للإنسان: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ [لقمان:14]، ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾ [الأحقاف:15]، ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [العنكبوت:8].
بر الوالدين من صفات الأنبياء؛ فهذا عيسى -عليه السلام- قال عن نفسه: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ [مريم:32]، وأثنى الله على يحيا بن زكريا -عليهما السلام- فقال: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم:14]، وهذا إسماعيل -عليه السلام- وما كان من شأنه مع أبيه في قصة الذبح: ﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات:102].
بل انظر إلى شيخ الأنبياء وأبيهم خليل الرحمن في قصته مع أبيه آزر عابد الأوثان، بل صانعها وناحتها، انظر كيف تلطف معه أيما تلطف، وكيف خاطبه بأرق عبارة تفيض برًا وإحسانًا: ﴿إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا(45)﴾ [مريم:42-45].
وهذا سيد الأنبياء وخاتمهم –صلى الله عليه وسلم- كان من خبره ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: زار النبي –صلى الله عليه وسلم- قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يُؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي".
وقال أبو الطفيل –رضي الله عنه-: رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقسم لحمًا بالجعرانة وأنا غلام شاب، فأقبلت امرأة، فلما رآها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بسط لها رداءه فقعدت عليه، فقلت: من هذه؟! قالوا: أمّه التي أرضعته.
أيها المؤمنون: بر الوالدين قرنه الله بأعظم وأول واجب على المكلف: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [البقرة:83]، ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء:36]، ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء:23].
بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام، عن معاوية بن جاهمة السلمي قال: أتيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله: إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: "ويحك، أحيّة أمك؟!"، قلت: نعم، قال: "ارجع فبرّها"، قال: ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله: إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: "ويحك، أحية أمك؟!"، قلت: نعم يا رسول الله، قال: "فارجع إليها فبرها"، ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله: إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: "ويحك، أحية أمك؟!"، قلت: نعم يا رسول الله، قال: "ويحك، الزم رجلَها فثَمَّ الجنة".
واعلم -رحمك الله- أن بر الوالدين لا ينتهي بموتهما؛ فعن أبي أسيد الساعدي قال: فيما نحن عند رسول –صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل من بني سلِمة فقال: يا رسول الله: هل بقي من بر أبويّ شيء أبرّهما بعد موتهما؟! قال: "نعم، الصلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحِم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما".
وبر الوالدين يستمرّ في ذرية الإنسان وعقبِه من بعده؛ عن ابن عمر –رضي الله عنه- قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفّوا تعِف نساؤكم".
كذلك بر الوالدين يزيد في العمر، عن سهل بن معاذ –رضي الله عنه- أن رسول –صلى الله عليه وسلم- قال: "من بر والديه طوبى له، زاد الله في عمره".
كتب أحد السلف إلى أبيه رسالة كتب في آخرها: "جُعِلت فداك"، فبكى الوالد وردّ عليه وقال: "لا تكتب هكذا بعد اليوم، فأنت على يومي أصبر مني على يومِك". هكذا الأبوان المستحقّان للبر والصلة.
وذكروا أن رجلاً ضُرِب بمال لم يؤده فلم يعطِه، فأتي بولده فضُرِب، فجعل الرجل يبكي بكاء الطفل فقالوا له: ما لك؟! فقال: "ضرِب جلدي فصبرت، وضُرِبَت كبدي فلم أصبر".
هكذا الأب -أيها المسلم-؛ يجوع لتشبع، ويعرى لتَلْبَس، ويشقى لتسعد، ويتعب لترتاح، إذا مرضت داواك، وإذا بكيت أرضاك، وإذا ضحكت فرح، وإذا نهضت أتبعك النظر، وإذا جلست أتبعك الدعاء.
أيها الإخوة: لقد فقه الصالحون هذا الأمر فضربوا أروع الأمثلة في بر الوالدين والإحسان إليهما، فهذا ابن عمر –رضي الله عنهما- يلقى رجلاً من الأعراب بطريق مكة فيسلّم عليه عبد الله، ويحمله على حمار كان يركبه، ويعطيه عمامة كانت على رأسه، فقال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله؛ إنهم الأعراب، وإنهم يرضون باليسير! فقال عبد الله: إن أبا هذا كان وِدًا لعمر بن الخطاب، وإني سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه".
وهذا زين العابدين علي بن الحسين قيل له: إنك من أبرّ الناس بأمّك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة! فقال: "أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها".
وكان طلق بن حبيب لا يمشي فوق ظهر بيت وأمه تحته إجلالاً لها وتوقيرًا.
وكان الفضل بن يحيى يُدِْفئ الماء لأبيه وهما في السّجن، فيضع الدلو عند المصباح ويمسكه طوال الليل، فعرف السجان ذلك فأخذ المصباح في الليلة التي بعدها، فجعل الفضل يضمّ الوعاء إلى جلده وبطنه طوال الليل، فإذا طلع الفجر كان الماء فاترًا فأعطاه أباه ليتوضأ به.
وقال عامر بن عبد الله بن الزبير: "لما مات أبي عبد الله ما سألت الله حولاً كاملاً إلا العفو عنه".
وهذا ابن عون نادته أمه فأجابها، فَعَلا صوته صوتَها، فأعتق رقبتين يرى أنهما كفارة لما فعل.
وبكى إياس بن معاوية حين ماتت أمه بكاءً شديدًا، فقيل له في ذلك فقال: "كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة فأغلق أحدهما، وحُقّ لعين بكاها".
وقال محمد بن المنكدر: "بات أخي عمر يصلي وبتّ أغمز قدم أمي، وما أحبّ أن ليلته بليلتي".
أين هذا -عباد الله- من شابّ عاق أودع أمّه دار العجزة ولم يزرها حتى تردّت حالتها، فطلبت من مسؤول الدار أن يتّصل بولدها لتراه وتقبِّله قبل موتها، فسبقتها دموعها قبل أن تسمع جواب ولدها بالرّفض والاعتذار بضيق الوقت وكثرة الأعمال والأشغال، فلما توفّيت الأم اتصلوا بذلك الابن لإخباره فقال: أكملوا إجراءاتكم الرسمية وادفنوها في قبرها. نعوذ بالله من الحرمان ومن سخط الملك الديان. هكذا صغيرًا بكت عليه إشفاقًا وحذرًا، وكبيرًا بكت منه فرقًا وخوفًا، فهي حليفة همّ وحزن وغم.
يتباكيان ويشكوان جواهما *** بمدامعٍ تنهل من برحائه يتجاوبان إذا الرياح تناوحت *** على الرياح هببن من تلقائه
أيها الإخوة: إن شأن الوالدين عظيم، فمهما اجتهد الإنسان في برهما فلن يبلغ جزاءهما، قال أبو موسى الأشعري –رضي الله عنه-: شهد ابن عمر –رضي الله عنهما- رجلاً يطوف بالبيت قد حمل أمه وراء ظهره يقول:
إني لها بعيرها المذلل *** إن أذعرت ركابها لم أذعر
فقال: يا ابن عمر: أتراني جزيتها؟! قال: "لا، ولا وبزفرة واحدة، ولكنك أحسنتَ، والله يثيبك على الإحسان". وعن زرعة بن إبراهيم أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين: إن لي أمًّا بلغت الكبر، ولا تقضي حاجتها إلا وظهري مطية لها، وأنا أقوم بتوضئتها وأصرف وجهي عنها، فهل أديت حقها وشكرها؟! فبكى عمر ثم قال: "إنها صنعت بك ذلك وهي ترجو بقاءك، وأنت تفعله متمنّيًا فراقها بعد حين".
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله؛ عَظُمَ شأنه، ودام سلطانه، أحمده سبحانه وأشكره، عم امتنانه، وجَزَلَ إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن العقوق للوالدين من أقبح ما يقع من الإنسان، ولننظر في كلام السلف لنرى كيف كانوا يرون العقوق؛ فهذا مجاهد يقول: "ما بر والديه مَنْ أحدَّ النظر إليهما".
وقال كعب: "أجد في كتاب الله أن الابن إذا دعاه أبوه فلم يجبه فقد عقّه، وإذا ألجأه أن يدعو عليه فقد عقه، وإذا ائتمنه فخانه فقد عقه، وإذا سأله ما لا يقدر عليه فقد عقه".
وسئل الحسن عن العقوق فقال: "أن يحرمهما، ويهجرهما، ويحدّ النظر إليهما، ولو علم الله شيئًا من العقوق أدنى من أفّ لحرمه".
ومن أعظم العقوق ما يحصل من بعض الناس من تفضيل زوجه على أمه وإرضائها بإسخاط أمه، وهذا الأمر قُطبُ كثير من المشكلات الاجتماعية، وعمود رحى كثير من الخلافات الزوجية، مع أن المسألة محسومة شرعًا، ومن أراد الله به خيرًا فقهه في الدين، ومن يتَّق الله يجعل له مخرجًا، فالأم لها حقوق على ولدها، والزوجة لها حقوق على زوجها كفلها لها الشارع، لكنها وربي لا تداني حقوقَ الأم ولا تزاحمها، فافهم هذا -يا عبد الله-، وحذار حذار أن تبعد من أوصاك رسولك –صلى الله عليه وسلم- بها وجعلها أحقّ الناس بحسن الصحبة، يقول له الصحابي: ثم من؟! فيقول: "أمك"، فيقول له: ثم من؟! فيقول: "أمك".
وما أحسن ما قيل:
فلا تطع زوجةً في قطع والدة *** عليك يا ابن أخي قد أفنت العمرا فكيف تنكر أمًا ثقلَك احتملت *** وقد تمرغت في أحشائها عسـرًا وعالجت بك أوجاع النفاس وكم *** سرت لما ولدت مولودها ذكرًا وأرضعتك إلى الحولين مكملة *** في حجرها تستقي من ثديها الدررا ومنك ينجسها ما أنت راضعه *** منها ولا تشتكـي نتنًا ولا قـذرًا و"قل هـو الله" بالآلاف تقرؤها *** خوفًا عليك وترخي دونك السُتُرا وعاملتك بإحسان وتربية *** حتى استويت وحتى صرت كيـف ترى فلا تفضل عليهـا زوجة أبدًا *** ولا تدع قلبهـا بالقهر منكسـرًا والوالد الأصل لا تنكر لتربية *** واحفظه لا سيما إن أدرك الكبـرا فما تؤدي له حقًّا عليك ولو *** على عيونك حج البيت واعتمـرا
عباد الله: إن عقوق الوالدين مما تُعجَّل عقوبته في الدنيا، مع ما يكون لصاحبه من نكال وعذاب يوم القيامة؛ ذُكر عن رجل من السابقين كان له ولد يقال له: منازل، وكان كثير العقوق، وكان أبوه كثيرًا ما ينصحه ويوجهه، ولكنه كان يأبى ذلك كله، حتى كان ذات يوم أن نصحه أبوه، فغضب الولد وعلا غضب، فرفع يده ولطم أباه، فغضب الأب من ذلك وأقسم ليأتين البيت العتيق وليتعلقن بأستار الكعبة وليدعوَنَّ على ولده، فخرج الرجل حتى انتهى إلى مكة ودخل البيت الحرام وتعلّق بأستار الكعبة وأنشأ يقول:
يا من إليه أتى الحجـاج قد قطعوا *** عرض المهامه من قرب ومن بُعدِ إني أتيتك يا من لا يُخَيَّـب مَـنْ *** يدعوه مبتهلاً بالواحـد الصمـد هذا منازل لا يرتد عـن عَقَقِـيْ *** فخذ بحقي يا رحمن من ولـدي وشلّ منه بحـول منـك جانبـه *** يا من تقدس لم يولـد ولم يلـد
قال الراوي: فما انتهى الأب من دعائه حتى يَبس شق ولده هناك.
وفي عصرنا نماذج متعددة لأنواع من العقوق، وكم نسمع عن قضايا في المحاكم من أب يشكو ابنه في تلاعبه بمال أبيه وحرمانه منه وإخوانه… إلى غير ذلك.
ومن أعجب القصص ما ذكر عن شابٍ كانت تعيش معه أمه العجوز وقد طعنت في السن حتى ضجر منها، فأخذها ذات يوم معه في السيارة وذهب بها إلى شاطئ البحر، ووضعها هنالك، وقال لها: إنه سيأتيها بعد حين، وأعطاها ورقة صغيرة وقال لها: انتظري حتى آتيك، فمكثت تلك المسكينة ساعات وهي ما زالت تمني نفسها بأن ولدها سيأتيها، حتى أدركها الليل وبدأ الناس يرحلون من ذلك المكان، فجاءها رجل وقد استغرب بقاءها حتى هذا الوقت، فسألها عن شأنها وعن جلوسها في هذا المكان وحدها فقالت: لقد أتى بي ولدي إلى هنا وقال: إنه سيذهب لقضاء بعض أموره وسوف يأتي، ولكنه تأخر، وعسى أن يكون خيرًا، فحاول معها ذلك الرجل ليوصلها إلى بيتها فأبت وقالت: إنه سيأتي وقد أعطاني هذه الورقة، فنظر الرجل في تلك الورقة، وتصوروا ماذا قرأ فيها: "يرجى ممن يقرأ هذه الورقة أخذ هذه العجوز إلى دار العجزة"؛ نعوذ بالله من العقوق والحرمان.
المؤلف | خالد بن محمد بابطين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
بر الوالدين | العربية |
بر الوالدين | العربية |
بر الوالدين (1-2) | العربية |