بطاقة المادة
المؤلف | محمد بن مبارك الشرافي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
صلاة الفجر بين دلالة الإيمان وعلامة النفاق | العربية |
صلاة الفجر | العربية |
أشاهد صلاة الفجر أم مع المنافقين؟ | العربية |
عناصر الخطبة
اقتباسأَيُّهَا الْمُسْلِمُ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبَابِ التِي تَحْمِلُكَ عَلَى صَلاةِ الْفَجْرِ مَعْرِفَةَ فَضَائِلِهَا، فَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ بِهَا فِي السُّورَةِ التِي سُمِّيَتْ بِاسْمِهَا، فَقَالَ: ﴿وَالْفَجْرِ﴾[الفجر:1]. وَجَعَلَ اللهُ الْمَلائِكَةَ تَشْهَدُهَا، قَالَ اللهُ -تعالى-: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء: 78]. وَالْمُرَادُ بِقُرْآنِ الْفَجْرِ: صَلاةُ الْفَجْرِ، تَشْهَدُهَا الْمَلائِكَةُ. إِنَّ صَلاةَ الْفَجْرِ تَعْدِلُ مَعَ صَلاةِ الْعِشَاءِ قِيَامَ لَيْلَةٍ، وهي سبب لـ…
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الصَّلاةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً، وَوَعَدَ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا بِجَزِيلِ الثَّوَابِ، وَتَوَعَّدَ مَنْ تَهَاوَنَ بِهَا بِأَلِيمِ الْعِقَاب، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِهِ فِي الصَّلاةِ، وَكَانَتْ آخِرَ مَا وَصَّى بِهِ أُمَّتَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الدُّنْيَا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَاعْلَمُوا أَنَّ الصَّلاةَ خَيْرُ أَعْمَالِكُمُ الْبَدَنِيَّةِ، وَأَنَّهَا رِفْعَةٌ لَكُمْ وَسَعَادَةٌ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا فَمَا أَسْرَعَ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ دِينِهِ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَع.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ صَلاةَ الْفَجْرِ فَضْلُهَا عَظِيمٌ وَأَجْرُهَا كَبِيرٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ تَهَاوَنَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِيهَا، حَتَّى رُبَّمَا تَجِدُ شَخْصاً مَعْرُوفاً بِالْخَيْرِ وَالصَّلاحِ، وَمَعَ هَذَا تَجِدُ عِنْدَهُ تَقْصِيرَاً وَاضِحَاً فِي صَلاةِ الْفَجْرِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبَابِ التِي تَحْمِلُكَ عَلَى صَلاةِ الْفَجْرِ مَعْرِفَةَ فَضَائِلِهَا، فَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ بِهَا فِي السُّورَةِ التِي سُمِّيَتْ بِاسْمِهَا، فَقَالَ: ﴿وَالْفَجْرِ﴾[الفجر:1].
وَجَعَلَ اللهُ الْمَلائِكَةَ تَشْهَدُهَا، قَالَ اللهُ -تعالى-: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء: 78].
وَالْمُرَادُ بِقُرْآنِ الْفَجْرِ: صَلاةُ الْفَجْرِ، تَشْهَدُهَا الْمَلائِكَةُ.
إِنَّ صَلاةَ الْفَجْرِ تَعْدِلُ مَعَ صَلاةِ الْعِشَاءِ قِيَامَ لَيْلَةٍ، فَعَنْ عُثْمَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُله"[رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
إِنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى صَلاةِ الْفَجْرِ سَبَبٌ لِلنُّورِ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَعَنْ بُرَيْدَةَ -رضي الله عنه-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ].
إِنَّ صَلاةَ الْفَجْرِ تَجْعَلُكَ فِي ذِمَّةِ اللهِ وَعَهْدِهِ، فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكَ تَكَفَّلَ اللهُ بِرَدِّهِ عَنْكَ، فَعَنْ جُنْدُبٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ"[رواه مسلم].
وَأَبْشِرْ يَا مَنْ تُحَافِظُ عَلَى الْفَجْرِ أَنَّ خَبَرَ صَلاتِكَ تُعْلِنُهُ الْمَلائِكَةُ الْكِرَامُ بَيْنَ يَدَيْ الرَّبِّ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.
وَأَنْتَ يَا مَنْ تَرَكْتَ صَلاةَ الْفَجْرِ: كَمْ أُجُورٍ ضَيَّعْتَهَا يَوْمَ نِمْتَ عَنْ صَلاةِ الْفَجْرِ؟
وَكَمْ حَسَنَاتٍ خَسِرْتَهَا يَوْمَ سَهَوْتَ عَنْ صَلاةِ الْفَجْرِ؟
وَكَمْ مِنْ كُنُوزٍ فَقَدْتَهَا يَوْمَ تَكَاسَلْتَ عَنْ صَلاةِ الْفَجْرِ؟
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ- كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ"[مُتَّفَقٌ عَلَيْه].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: إِنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى صَلاةِ الْفَجْرِ مِنْ أَسْبَابِ تَمتُّعِكَ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ -تبارك وتعالى-فِي الْجَنَّةِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُحْرَمَ ذَلِكَ، فَعَن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه-قَالَ: "كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا" ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبهَا﴾[طه: 130] [مُتَّفق عَلَيْهِ].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: إِنَّ مِمَّا يُعِينُكَ -بِإِذْنِ اللهِ- عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلاةِ الْفَجْرِ: أَنْ تَعْرِفَ مَسَاوِئَ تَرْكِ هَذِهِ الصَّلاةِ الْعَظِيمَةِ.
فَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فتُقامُ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمُ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بيوتهم بالنار"[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
فَهَلْ تَرْضَى أَنْ يُقَالَ عَنْكَ: إِنَّكَ مُنَافِقٌ؟
عن نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الْإِنْسَانَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ"[أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ].
إِنَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ صَلاةِ الْفَجْرِ فَهُوَ مُتَوَعَّدٌ بِالْوَيْلِ وَالْغَيِّ، قَالَ اللهُ -تعالى-: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(5)﴾[الماعون: 4-5].
وَقَالَ عز وجل: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾[مريم: 59].
جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ: ﴿غَيَّاً﴾ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ، أَوْ نَهْرٍ فِي جَهَنَّمَ.
وَمَعْنَى: أَضَاعُوهَا: أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا كَسَلاً وَسَهْوَاً وَنَوْمَاً.
إِنَّ تَرْكَ صَلاةَ الْفَجْرِ يُوجِبُ أَنْ يَتْعَسَ الإِنْسَانُ وَيَكُونَ يَوْمَهُ كَسِلاً خَبِيثَ النَّفْسِ، بِعَكْسِ مَنْ صَلَّاهَا؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ"[رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
إِنَّ نَوْمَكَ عَنْ صَلاةِ الْفَجْرِ مِنْ أَسْبَابِ عَذَابِ الْقَبْرِ، فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: "هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا" فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: "إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، فَقَالَا لِي: انْطَلِقْ! انْطَلِقْ! فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ فَيَبْلُغُ".
وفي رواية: "فَيَثْلَغُ" رَأْسَهُ، فَيُدَهْدِهُ الْحَجَرَ هَاهُنَا، فَيَتْبَعُهُ، فَيَأْخُذُهُ، فَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى".
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: "قَالَا: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ!أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ"[رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
فَيَا مَنْ تَنَامُ عَنْ صَلاةِ الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا: هَلْ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا جَزَاءَكَ؟
إِنَّ تَضْيِيعَكَ لِصَلاةِ الْفَجْرِ يَمْنَعُ عَنْكَ الرِّزْقَ وَالْبَرَكَةَ فِي مَالِكَ، قَالَ اللهُ -تعالى-: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب(3)﴾[الطلاق:2-3].
وَالصَّلاةُ مِنْ أَعْظَمِ التَّقْوَى، وَخَاصَّةً صَلاةُ الْفَجْرِ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رحمه الله-: "وَنَوْمَةُ الصُّبْحِ تَمْنَعُ الرِّزْقَ لِأَنَّهُ وَقْتٌ تُقَسَّمُ فِيهِ الأَرْزَاقُ،" وَرَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- ابْنَاً لَهُ نَائِمَاً نَوْمَ الصُّبْحِ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ! أَتَنَامُ فِي السَّاعَةِ التِي تُقَسَّمُ فِيهَا الأَرْزَاقُ؟
فَأَيْنَ الْمُشَمِّرُونَ؟ وَأَيْنَ التَّائِبُونَ؟ وَأَيْنَ النَّادِمُونَ؟
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَاللهُ -تعالى-أَعْلَم.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاعْلَمْ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُ- أَنَّ اللهَ جَعَلَ لَكِلِّ شَيْءٍ سَبَبَا، فَاسْتَعِنْ بِرَبِّكَ وَاعْمَلِ الأَسْبَابَ التِي تُعِينُكَ -بِإِذْنِ اللهِ- عَلَى طَاعَةِ رَبِّكَ، وَأَبْشِرْ، قَالَ اللهُ -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾[العنكبوت: 69].
فَمِنَ الأَسْبَابِ التِي أَنْتَ تَسْتَطِيعُهَا-بِإِذْنِ اللهِ-: النَّوْمُ الْمُبَكِّرُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَيَكْرَهُ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا، فَأَعْطِ بَدَنَكَ حَقَّهُ، وَجَاهِدْ نَفْسَكَ لِيَنْتَظِمَ نَوْمُكَ مُبَكِّرَاً وَسَتَرَى ذَلِكَ ظَاهِرَاً فِي نَشَاطِكَ وَقُوَّةِ بَدَنِكَ.
وَمِنَ الأَسْبَابِ: أَنْ تَنَامَ عَلَى وُضُوءٍ، وَتَقْرَأَ أَذْكَارَ النَّوْمِ الْوَارِدَةِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. وَمِنْهَا: أَنْ تَجْمَعَ يَدَيْكَ وَتَنْفُثَ فِيهِمَا وَتَقْرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللهُ أَحْد وَالْمَعُوذَتَيْنِ، ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا رَأْسَكَ وَوَجْهَكَ وَمَا اسْتَطَعْتَ مِنْ بَدَنِك، وَتُكَرِّرُ هَذَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
وَمِنْهَا: أَنْ تُسَبِّحَ اللهَ ثَلاثَاً وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدَ اللهَ ثَلاثَاً وَثَلاثِينَ، وَتُكَبِّرَ اللهَ أَرْبَعَاً وَثَلاثِينَ، فَإِنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ النَّشَاطِ.
وَمِنَ الأَذْكَارِ: أَنْ تَقْرَأَ آيَةَ الْكُرْسِي، وَاضْطَجِعْ عَلَى جَنْبِكَ الأَيْمَنَ وَلْتَكُنْ يَدُكَ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّكَ الأَيْمَنِ!.
وَمِنَ الأَسْبَابِ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُ-: أَنْ تَجْعَلَ عِنْدَ رَأْسِكَ مُنَبِّهَاً إِمَّا الْجَوَّالَ أَوْ غَيْرَهُ لِيَرِنَّ عِنْدَ وَقْتِ الصَّلاةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنْ تُوصِيَ أَحَدَاً أَنْ يُوقِظَكَ لِلصَّلاةِ، إِمَّا مِنَ الأَهْلِ، أَوِ الْجِيرَانِ، أَوِ الأَصْدَقَاءِ، فَإِنَّ هَذَا مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.
ثُمَّ جَاهِدْ نَفْسَكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَكَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ، وَلَوْ فَشَلَتْ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ، فَاجْتَهِدْ حَتَّى تَسْتَقِيمَ أُمُورُكَ وَتُحَافِظَ عَلَى طَاعَةِ رَبِّكَ، وَتَنْتَظِمَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ!.
سَدَّدَ اللهُ خُطَاكَ وَفَتَحَ عَلَيْكَ وَأَعَانَكَ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَجَنَّبَكَ كُلَّ شَرٍّ، وَجَعَلَكَ مِنَ الْمُسَابِقِينَ لِلصَّلَوَاتِ عُمُومًا وِلِصَلاةِ الْفَجْرِ خُصُوصَاً.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الْغَلا وَالوَبَاء وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَّلازِلَ وَالْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.
المؤلف | محمد بن مبارك الشرافي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
صلاة الفجر بين دلالة الإيمان وعلامة النفاق | العربية |
صلاة الفجر | العربية |
أشاهد صلاة الفجر أم مع المنافقين؟ | العربية |