بطاقة المادة
المؤلف | محمد بقنة الشهراني |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
معاني الفتنة في القرآن الكريم | العربية |
الفتن وأحوال اليمن | العربية |
التربية في زمن الفتنة | العربية |
عناصر الخطبة
اقتباسكل زمن يأتي يكون أفسد من الذي كان قبله على مستوى العقيدة، على مستوى الخُلق، على مستوى الفكر، وهذا الزمان زمن عجيب وطالما كررت وقلت: إنه زمان أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: “يأتي عليكم سنوات خداعات يُكذّب فيها المؤمن ويُصدّق فيها الفاجر”، زمان المبرز فيه من اعتقد بالماديات، وأما المؤمن بالغيبيات فهو ضحل التفكير مسكين.. نحن في زمن يجب على المؤمن أن يقي نفسه وأهله النار كما هو في كل زمان، لكن هذا الزمان الشبهات كثرت، والشهوات أصبحت يرتطم بعضها ببعض.. فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم..
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين..
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾ [الأحزاب:70-71].
اللهم اجعلنا من عبادك المتقين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمين.
إخواني في الله: يقول الله -جل وعلا- في سورة الروم في الآية الحادية والأربعين: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم:41].
والمتأمل في هذه الآية يرى عظيم رحمة الله -جل وعلا- ظاهرة بينة، فإن الفساد يظهر في البلدان بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا ولم يقل كل الذي عملوا، لو أذاق الله الناس كل الذي عملوا لهلكوا، ولكنه -جل وعلا- يذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون إليه ويؤوبون ويجددون توبتهم إسلامهم لله -جل وعلا-.
وكل زمن يأتي يكون أفسد من الذي كان قبله على مستوى العقيدة، على مستوى الخلق، على مستوى الفكر، وهذا الزمان زمن عجيب وطالما كررت وقلت: إنه زمان أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: “يأتي عليكم سنوات خداعات يُكذّب فيها المؤمن ويُصدّق فيها الفاجر”، زمان المبرز فيه من اعتقد بالماديات، وأما المؤمن بالغيبيات فهو ضحل التفكير مسكين.
أيها الأحبة: نحن في زمن يجب على المؤمن أن يقي نفسه وأهله النار كما هو في كل زمان، لكن هذا الزمان الشبهات كثرت، والشهوات أصبحت يرتطم بعضها ببعض ونسأل الله العافية والسلامة.
طوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سُنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قد أخبر -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح أنه سيأتي زمان نعرف فيه وننكر، ولذلك قال لأصحابه والحديث لكل مؤمن: “إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي“. يا رب اجعلنا من المتمسكين بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
“فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضُّوا عليها بالنواجذ“، إن مما يجب ومما نقي به أنفسنا وأهلينا كما أمرنا الله في التحريم في الآية السادسة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم:6].
يجب أن تقي نفسك وأن تقي أهلك، أن تؤدّب نفسك وتربّي نفسك وتقي أهلك وتؤدبهم وتربيهم، قال مجاهد في هذه الآية “أوصوهم بتقوى الله وأدِّبوهم“.
وعن قتادة قال: “مروهم بطاعة الله وانهيهم عن معصية الله“، وعن علي -رضي الله عنه- أنه قال “علموهم الخير“، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا(6)﴾.
“اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن“، أصلح ما بينك وما بين الله يصلح الله لك جميع أحوالك بإذن الله.
انتبه الآن في هذا الزمان لمن تحت يدك، فأْمُره وانهه، مُرْه بما يفيده، وانهه عما يضره، ولا شيء أعظم من العلاقة بالله وما يأمر به الله -جل وعلا- ولا شيء أعظم مما نهى الله عنه.
في سورة طه يقول الله لنبيه: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه:132]، ويذكر الله في سورة أخرى نبيًّا من أنبيائه الذين أُمرنا أن نقتدي بهم، فقال سبحانه في سورة مريم ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا(55)﴾ [مريم:54- 55].
أيها الأحبة: نقطتان مهمتان لا بد من الانتباه لهما في هذا الزمان، ألا وهي نقطة العقيدة ونقطة الخُلق، في هذين النقطتين نُحارب والحرب مشتعلة والحروب ضروس شعر بها من شعر ومن لم يشعر فلا إله إلا الله.
في العقيدة يأمر الله -جل وعلا- في آية من القرآن في سورة الذاريات يقول الله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56].
كنت في خارج البلاد فألقيت شيء من هذا في محاضرة فإذا بأحدهم يقول: ولماذا؟ قلت ولماذا ماذا؟ قال: لماذا يريدنا أن نعبده؟! ثم سبَّ الله علنا أمامنا، نسأل الله العافية والسلامة.
هذا نتاج غزو، هذا نتاج انتشار شبهات العقيدة التوحيد، قلة التربية على التوحيد، حين تفتح القرآن ستجد حين تقرأ من البقرة يمر عليك ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:21]. وفي نهاية الآية التي بعدها ﴿فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:22].
في الحديث المتفق على عن معاذ -رضي الله عنه- قال: “كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: “يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟” قلت الله ورسوله أعلم، قال: “حق العباد على الله أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا” اللهم اجعلنا كذلك.
“وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا” أترون فضلاً أعظم من ذلك، قلت يا رسول الله ألا أبشّر الناس؟ قال: “لا تبشروهم فيتكلوا” أي: يتكلوا على هذا فيقعون في المعاصي التي قد تؤدي إلى الشرك الخفي.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يربّي الصحابة على العقيدة الصافية، ألا يشرك بالله حتى هذه المسألة مسألة منطقية عقلية أن يكون هناك إله واحد لا يشرك به، الذين جحدوا الرب -جل وعلا- يعبدون وثنًا وإن كانوا يقولون لا رب يعبدون هواهم: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾.
النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلّم الصحابة منذ الصغر مسائل العقيدة، يا إخوة ليس التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا، وإنما ما يترتب على لا إله إلا الله وما يترتب على محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
إن كان الدعاة والعلماء يحثون الناس على تعلم العقيدة والتوحيد في زمن مضى، فإن في هذا الزمان هو من أوجب الواجبات، أبناؤكم يتعلمون من غيركم، الجولات تعلّم والإنترنت يعلّم، والمدرسة تعلّم، والشارع يعلّم، وأنتم تعلم أو أنك لا تعلم.
النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث عند الترمذي وأحمد لمعاذ يقول لابن عباس: “يا غلام احفظ الله يحفظك“، هذا هو التوحيد هذه هي العقيدة “احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله“، كم نحتاج هذه المعاني هذه التربية لأنفسنا وللناس، “وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الناس لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك” ما أجمل التوحيد!
“واعلم أنهم لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك” هذا هو التوحيد.
“مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر” توحيد، هذه رسائل التوحيد الصلاة، واعتقاد وجوبها وأدائها في وقتها كما يريد الله لسبع إلى عشر ثلاث سنوات والسنة 365، وفي اليوم خمس صلوات أي أأمر ابنك وبنتك بالصلاة وممنوع أن تضرب، أمر فقط قم صلّ، تأمرهم بالصلاة 5745 مرة تقول لهم صلوا حتى تترسخ في عقيدتهم.
توكل على الله، استعانة بالله، يقين بالله، واعلم أن الناس لو اجتمعوا على أن يضروك لو اجتمعت الدنيا كلها لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.
حين قيل لنا كلنا: إن المناخ سيتغير بداية من يوم أمس، وسيحصل زلازل وإيقاف طائرات ومواني أوقفت، ومطارات أوقفت، هذا اختبار للعقيدة أين المتوكل وأين الراضي وأين الذي في عقيدته نظر، الخوف يحصل للكل ولكن أين الذين يقولون حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله، نسأل الله أن يحمينا وأن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين.
التوكل على الله -جل وعلا- عقيدة أيها الإخوة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، وأشهد أنت لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
إن مما يجب أن يُعاد ويُنشر ويدعى إليه: التربية الخلقية في فساد الزمن، الأخلاق الرفيعة، كل دين دعا إلى الأخلاق حتى الأديان المخترعة، وإن كانت في الصحيح لا تسمى أديانًا؛ لأن الدين عند الله هو الإسلام، لكن النصرانية اليهودية، البوذية، الهندوسية، وخذ عندك كل هذا يدعو لأخلاق، ولكن لا يوجد دين أبدًا بلغ بالأخلاق ذروتها وجميل رونقها مثل دين الإسلام، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي في السنن ومسند أحمد “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق“.
ألا يوجد أزمة أخلاق في هذا الزمن عند المسلمين؟ إلا ما شاء الله ..
يا إخوة: نحتاج إلى تجديد الأخلاق ومعرفة الأخلاق الإسلامية.
يا أخوة الأخلاق الإسلامية حتى في دورة المياه، حتى عند إتيان أهلك، حتى وأنت لوحدك، يوجد أخلاق، أخلاق مع الله، أخلاق مع الملائكة أخلاق مع العباد، أخلاق مع الحيوان، أخلاق مع الجماد.
هذا كله نحتاجه في هذا الزمن، في سورة القلم الآية الرابعة عشر يقول الله -جل وعلا- ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم:4]. إنه رسولكم -صلى الله عليه وسلم-، من كان محبًّا لمحمد -صلى الله عليه وسلم- فليقتدِ به في الخُلق أيضًا.
ليست الصلاة “صلوا كما رأيتموني أصلي“، “خذوا عني مناسككم” فقط، بل أيضًا خذوا أخلاقه عليه الصلاة والسلام، ولذلك هو أسوة كما قال الله -جل وعلا- في سورة الأحزاب في الآية الحادية والعشرين: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 22].
في صحيح مسلم يأتي التابعي إلى أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فيقول لها كيف كان خُلق النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: “كان خُلقه القرآن“.
الأخلاق تفتح القلوب، يوجد جهل منتشر بمسائل في الدين معروفة من الدين بضرورة بسبب المفسدين، وبمسائل الخلق وبمسائل الاعتقاد، هذا زمان انتشر فساده إن لم يكن أهل الصلوات وأهل الجمع والجماعات هم الذين يصلحون فمن؟! نسأل الله العافية والسلام.
زمان انخلع الحياء من كثير من النساء فضلاً عن الرجال، الحياء أصبح مخلوعًا.
كنت في بلد اضطررت لكي أكوي ملابسي في مِصْر، وإذا بشابة في المغسلة كاشفة لشعرها وعن بعض جسدها فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، خذي يا أختي، فقالت: أنت من الذين يغضون أبصارهم! تستهزئ، قلت: أسأل الله أن أكون كذلك، قالت لماذا؟ أنا أصلي، قلت وتصومين وتحجين، ولكنك تغضبين الله بعدم الحجاب، قالت: أسألك بالله أهو واجب؟ قلت إي والله إنه واجب، فوالله إنها بكت ودخلت تحجبت وخرجت.
يا إخوة الناس فيهم طيبة سيريدون الخير، ولكن أسأل الله لي ولكم أن يجعلنا من أهل الخُلق. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا..
المؤلف | محمد بقنة الشهراني |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
معاني الفتنة في القرآن الكريم | العربية |
الفتن وأحوال اليمن | العربية |
التربية في زمن الفتنة | العربية |