إن النبي ﷺ لما رأى من الناس إدبارا، قال : اللهم سبعٌ كسبع يوسف، فأخذتهم سنةٌ حصت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء، فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله لهم، قال الله تعالى : {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين } [الدخان : ١٠ ] إلى قوله {إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى، إنا منتقمون } [الدخان : ١٦ ] فالبطشة : يوم بدر، وقد مضت الدخان والبطشة واللزام وآية الروم .
كان النبي ﷺ أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فاستقبلهم النبي ﷺ قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول : لن تراعوا لن تراعوا وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرجٌ، في عنقه سيفٌ، فقال : لقد وجدته بحرا . أو : إنه لبحرٌ
لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي ﷺ، وأبو طلحة بين يدي النبي ﷺ مجوبٌ عليه بحجفة له، وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع، كسر يومئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرجل يمر معه بجعبة من النبل، فيقول : انثرها لأبي طلحة قال : ويشرف النبي ﷺ ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة : بأبي أنت وأمي، لا تشرف، يصيبك سهمٌ من سهام القوم، نحري دون نحرك، ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم، وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم، ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثا.
(الشهامة ): هي الحرص على ما يوجب الذّكر الجميل في العظائم، وقال بعضهم : هي الحرص على الأمور العظام توقّعا للذّكر الجميل . عن أنس رضي الله عنه قال : لمّا كان يوم أحد انهزم النّاس عن النّبيّ ﷺ، وأبو طلحة بين يدي النّبيّ ﷺ مجوّب به عليه بحجفة له، وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد القدّ يكسر يومئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرّجل يمرّ معه الجعبة من النّبل، فيقول : انثرها لأبي طلحة، فأشرف النّبيّ ﷺ ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة : يا نبي الله، بأبي أنت وأمّي، لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك . ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأمّ سليم وإنّهما لمشمّرتان أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثمّ ترجعان فتملآنها، ثمّ تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم . ولقد وقع السّيف من يد أبي طلحة إمّا مرّتين وإمّا ثلاثا ). [البخاري 4064](المثل التطبيقي من حياة النبي ﷺ في (الشهامة ): سأل رجل البراء رضي الله عنه فقال : يا أبا عمارة ! أولّيتم يوم حنين؟ قال البراء وأنا أسمع : أمّا رسول الله ﷺ لم يولّ يومئذ، كان أبو سفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته، فلمّا غشيه المشركون نزل فجعل يقول : (أنا النّبيّ لا كذب، أنا ابن عبد المطّلب . قال : فما رئي من النّاس يومئذ أشدّ منه ). [أحمد 18540] (الوسائل المعينة على اكتساب صفة الشهامة ): الصبر، قال الراغب الأصفهاني : (الصبر يزيل الجزع، ويورث الشهامة المختصة بالرجولية ). الشَّجَاعَة . علو الهمة وشرف النفس . العدل والإنصاف . مصاحبة ذوي الشهامة والنجدة . الإيمان بالقضاء والقدر . فــمن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر : أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة؛ فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده ولا يهاب الموت؛ لأنه يعلم أن الموت لا بد منه، وأنه إذا جاء لا يؤخر؛ لا يمنع منه حصون ولا جنود، ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾ [النساء : 78]﴿قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ﴾ [آل عمران : 154]، وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية من الإيمان بالقدر؛ يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء، وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين . (موانع اكتساب صفة الشهامة ): قسوة القلب . الأنانية، وخذلان المسلمين، واللامبالاة بمعاناتهم : إنَّ خذلان المسلم لأخيه المسلم أمر تنكره الشريعة، وإن من حق المسلم على المسلم أن لا يخذله، الجبن والبخل : فالشهامة إنما تقوم على الشَّجَاعَة لنجدة المحتاج، والكرم لإعانة أصحاب الحاجات، فمن فقدهما ضعفت شهامته، وماتت مروءته . الذُّل، والهوان، وضعف النفس : فالإنسان الذليل والأمة الذليلة أبعد الناس عن النصرة، وتلبية نداء الإغاثة؛ ففاقد الشيء لا يعطيه . الحقد والعداوة والبغضاء . تشبه الرجال بالنساء في اللباس، كلبس الذهب والحرير : قال ابن القيم : (حرم -الذهب - لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتخنث، وضد الشهامة والرجولة )(من فوائد الشهامة ): تورث الذّكر الجميل . تنبأ عن علوّ الهمّة وإباء النّفس . تعود بالخير على صاحبها وعلى المجتمع . تعين على التّحلّي بالصّفات الحسنة . تدفع إلى أعلى المقامات وأرفع الدّرجات . تشيع الأمن والطّمأنينة في المجتمع .
ماذا نفعل بعد ذلك
أن نجتهد في تحصيل اكتساب الشهامة، ونبتعد عن موانع اكتسابها .
أن نستشعر أن الشهامة سبب لحصول الخير للفرد والأمة .
أن نستشعر أنها من صفات الأنبياء، وعباد الله المتقين .