الأحاديث:
أحاديث نبوية عن العقود في الإسلام
- عن علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثلاثة: عن النائم حتى يَسْتَيْقِظَ، وعن الصبي حتى يَحْتَلِمَ، وعن المجنون حتى يَعْقِلَ". شرح وترجمة الحديث
- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مرفوعاً: «إنما الأعمال بِالنيَّات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرتُه لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكِحها فهجرته إلى ما هاجر إليه». شرح وترجمة الحديث
- عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله ﷺ : «إنما البيع عن تراض .»
- عن حكيم بن حزام : أتيت رسول الله ﷺ فقلت : يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه قال : «لا تَبِعْ ما ليس عندك .»
- عن عمرو بن عوف المزني قال رسول الله ﷺ : «المسلمون عند شروطهم إلا شرطًا حَرَّمَ حلالًا أو شرطًا أَحَلَّ حرامًا .»
عناصر محتوى المفردة:
المقدمة
- (العقود في الإسلام ):إن من طرق كسب المال في الإسلام ما يعرف بالعقود، كالبيع والإجارة والشراكة ونحوها وقد وضع الله تعالى أسسا عامة لهذه العقود في قوله : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة : 1].
المادة الأساسية
- (العقود في الإسلام ):﴿العقد ﴾ هو : ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع، يرتب آثاره فيما عُقد من أجله .والإيجاب : ما صدر ابتداء من أحد العاقدين . والقبول : ما صدر ثانيا من الآخر على وجه الرضا لكلام الأول .مثال : إذا قال شخص لآخر بعتك هذا الجهاز بمائة، كان هذا الكلام إيجابا، وإذا قال الآخر : قبلت أو اشتريته بما ذكرت، كان هذا الكلام قبولا . ويترتب على ذلك أن يملك البائع الثمن، وأن يملك المشتري الجهاز .
(الفرق بين العقد والوعد ): لاشك أن هناك فرقا كبيرا بين العقد وبين الوعد، فإذا كان العقد يرتب آثاره الفورية في نقل ملكية الثمن وملكية السلعة إلى كل من البائع والمشتري، فإن الوعد لا يعدو أن يكون إخبارا عن رغبة مستقبلية لا تترتب عليها آثارا حقوقية في نقل الملكية، إضافة إلى أن من حق الواعد الرجوع عن وعده لإرادته المنفردة دون طلب الإذن من الموعود، بخلاف العقد حيث لا يجوز لأحد الطرفين الامتناع عن تنفيذه ، والعمل على فسخه إلا بموافقة الطرف الآخر .
(أقسام العقود ):تقسم العقود بحسب موضوعاتها إلى خمس مجموعات :المجموعة الأولى : عقود التمليكات ، وتشمل المعاوضات التي تتم فيها مبادلة المال أو المنفعة ببعضها، كعقد البيع وعقد الإيجار وعقد الصرف، كما تشمل التبرعات التي يتم فيها تمليك السلع المنافع بدون عوض كالهبة والعارية والصدقة .
المجموعة الثانية : عقود الشركات على اختلاف أنواعها، كالشركة المعهودة بين الناس والمضاربة التي يكون فيها المال من طرف والعمل من طرف آخر، ومثلها المزارعة والمساقات في الأراضي والأشجار .المجموعة الثالثة : عقود الاستيثاق ، كالكفالة والرهن .المجموعة الرابعة : عقود الاستحفاظ ، كالوديعة والحراسة .المجموعة الخامسة : عقود الاطلاقات كالوكالة والإيصاء الذي فيه إطلاق التصرف لإنسان في إدارة أموال الصغير بعد وفاة وليه .هذه المجموعات الخمس من العقود تعرف في الفقه الإسلامي بالمعاملات المالية، التي يقابلها في المفهوم الغربي اصطلاح القانون المدني .(أركان العقود ): الصيغة، والعاقدان، والمعقود عليه .
1/ الصيغة : فهي الإيجاب والقبول في العقود التي تحتاج إلى اتفاق إرادتين، كالبيع والإيجار، وما لا يتوقف على قبول الطرف الآخر يكفي فيه الإيجاب فقط، كمن أوصى بعمارة مسجد، أو أسقط الدين عن المدين .والصيغة هذه قد تكون كلاما متلفظا به، أو كتابة مفهومة .
أو نحو ذلك مما يدل على الرضا، لقوله تعالى : ﴿ لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء : 29]. وفي الحديث الذي رواه ابن ماجة : «إنما البيع عن تراض » [صحيح ابن ماجه : ١٧٩٢ ] ومثل البيع العقود الأخرى .
2/ العاقدان : فلهما شروط لابد منها، تعرف بشروط العاقدين، منها : توافر الأهلية، التي هي : العقل والبلوغ، حيث لا يصح إجمالا عقد المجنون والصغير غير المميز والنائم والمغمى عليه والسكران عند بعض الفقهاء، وذلك لحديث النبي ﷺ : «رُفع القلم عن ثلاث : عن المجنون حتى يبرأ وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم » [مسند أحمد : 24694].
3/ الشيء المباع المعقود عليه : فمن شروطه :أ / أن يكون موجودا وقت التعاقد، حيث لا يجوز التعاقد على المعدوم، كالزرع قبل ظهوره، والحمل في بطن أمه، لحديث النبي ﷺ : «لا تبع ما ليس عندك » [صحيح الترمذي : ١٢٣٢ ].
ويستثنى من هذا بعض العقود كالسلم والإجارة والاستصناع لحاجة الناس إليها، ولتعاملهم بها في زمن النبي ﷺ، كمن يتفق مع خياط على ثوب سيصنعه من قماش موجود موصوف، أو مصنع يصنع آلات من مواد خام جاهزة ، والسر في نهي النبي ﷺ عن بيع الإنسان ما ليس عنده وفي مخافة عدم قدرته على تسليم المتفق عليه فيكون هذا سببا في الخصومة والنزاع .
ب / ومن شروط الشيء المعقود عليه أيضا : أن يكون معلوما للطرفين ، علما يمنع الخصومة والمنازعة، فلا يصح التعاقد على شيء مجهول، كأن يبيعه أو يأجره دارا من دوره العشر التي يملكها، أو يبيعه ما في داخل هذا الصندوق المغلق، لما ورد أن النبي ﷺ نهى عن بيع الغرر كما في صحيح مسلم [صحيح مسلم : 1513] ، والغرر : الجهالة التي تلحق ضررا بالعاقد وتكون سببا في النزاع .
ج / ومن شروط المعقود عليه : أن يكون مالا متقوما، يعترف الإسلام بمشروعية تداوله بين الناس وتملكهم إياه، فلا يجوز مثلا بيع الخمر والخنزير والدم ولا بيع ولا تأجير صور الفساد والدعارة وأشرطتها، والأصل في هذا قول الله تعالى :﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ﴾ [المائدة : 3]، وكذا قوله سبحانه وتعالى : ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف : 157]، وهذه المذكورات ونحوها من الخبائث التي تؤذي الأفراد والمجتمعات في آدابها وحرماتها وأموالها وأبدانها وصلاتها الاجتماعية، ومن أجل ذلك حرمها الإسلام، وبتحريمها يبطل التعاقد عليها، وتفقد قيمتها المالية في المجتمع فيصان عن المفاسد والأضرار .
د / وأما الشرط الأخير للمعقود عليه، فهو أن يكون مملوكا للبائع أو المؤجر وقت التعاقد، وعلى هذا لو باع الإنسان مال غيره بغير إذنه ولا علمه، فيقال لهذا البيع بيع الفضولي، وهو مجمد وموقوف عند جمهور العلماء ولكن المالك الأصلي إن أجاز هذا البيع ووافق عليه يصير صحيحا، وقال الشافعي : هذا عقد باطل أصلا، لا ينقلب إلى عقد صحيح، إلا بتعاقد جديد، لعموم الحديث : «لا تبع ما ليس عندك ». أي مالا تملك .( قواعد كلية، مقاصد شرعية، تقوم عليها العقود في الإسلام ):1/ قوله تعالى : ﴿ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء : 29].
وقوله ﷺ : «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى » [صحيح البخاري : 1]، وقوله في حديث آخر : «المسلمون عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما » [سنن الترمذي : 1352] .2/ قولهم : ( العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني ).
ماذا نفعل بعد ذلك
- الحرص على الالتزام بالعقود المالية، وتنفيذ ما فيها .
- الحرص على الكسب الحلال للمال، بالعقود الشرعية المباحة، والبعد كل البعد عن العقود المالية المحرمة .
- الحرص على تعلم الأحكام الشرعية للعقود المالية؛ حتى لا يقع في الإثم والحرج .