قطربل

قطربل


قُطْرَبُّلُ


بالضم ثم السكون ثم فتح الراء، وباء موحدة مشددة مضمومة، ولام، وقد روي بفتح أوله وطائه، وأما الباء فمشددة مضمومة في الروايتين، وهي كلمة أعجمية: اسم قرية بين بغداد وعكبرا ينسب إليها الخمر، وما زالت متنزها للبطالين وحانة للخمّارين، وقد أكثر الشعراء من ذكرها، وقيل:
هو اسم لطسّوج من طساسيج بغداد أي كورة، فما كان من شرقي الصراة فهو بادوريا وما كان من غربيها فهو قطربّل، وقال الببغاء يذكر قطربل وهي شمالي بغداد وكلواذى وهي جنوبيها:

كم للصبابة والصّبا من منزلما بين كلواذى إلى قطربّل
جادته من ديم المدام سحابةأغنته عن صوب الحيا المتهلّل
غيث، إذا ما الرّاح أو مض برقهفرعوده حثّ الثقيل الأوّل
نطفت مواقع صوبه بسحابةتهمي على كرب الفؤاد فتنجلي
راضعت فيه الكأس أهيف ينثنينحوي بجيد رشا وعيني مغزل
فأتى، وقد نقش الشعاع بنانهبمموّج من نسجها ومبقّل
وكسا الخضاب بها بنانا يا له،لو انه من وقته لم ينصل

وقال جحظة البرمكي:

تقول:فقلت:قالت: فأين الملتقى بعد ذا؟ ... فقلت: بين الدّنّ والمبزل
قد أسرفت في العذل مشغولةبعذل مشغول عن العذّل
هل أقصرت عن باطلأعرفه عن دينك الأوّل؟
ما أحسبني مقصراما عصرت راح بقطربّل
وما استدار الصّدغ في ناعممورّد كاللهب المشعل

وذكر أبو بكر الصّولي قال: حدثني أبو ينخت عن سليمان بن أبي نصر قال: لما انصرف أبو نواس من مصر اجتاز بحمص فرأى كثرة خمّاريها وشهرة الشراب بها وترك كتمان الشاربين لها شربها فأعجبه ذلك فأقام بها مدة مغتبقا ومصطبحا، وكان بها خمّار يهوديّ يقال له لاوى فقال لأبي نواس: كيف رأيتمدينتنا هذه وحالنا فيها؟ فقال له: حدّثنا جماعة من رواتنا أن هذه هي الأرض المقدسة التي كتبها الله تعالى لبني إسرائيل، فقال له الخمّار: أيّما أفضل عندك هذه الأرض أم قطربّل؟ فقال: لولا صفاء شراب قطربّل وركوبها كاهل دجلة ما كانت إلّا بمنزلة حانة من حاناتها، ثم مرّ بعانة فسمع اصطخاب الماء في الجداول فقال: قد أذكرني هذا قول الأخطل:

من خمر عانة ينصاع الفؤاد لهابجدول صخب الآذيّ موّار

فأقام فيها ثلاثا يشرب من شرابها ثم قال: لولا قربها من قطربّل ومجاذبة الدواعي إليها لأقمت بها أكثر من ذلك، فلما دخل إلى الأنبار تسرّع إلى بغداد وقال: ما قضيت حق قطربّل إن أنا لم أبطئ بها، فعدل إليها فأقام ثلاثا حتى أتلف فضلة كانت معه من نفقته وباع رداء معلما من أردية مصر، وقال عند انصرافه من قطربّل:

يقول لي الخمّار عند وداعه، ... وقد ألبستني الراح خفّ حنين:
طربت إلى قطربّل فأتيتهابألف من البيض الصحاح وعين
ثمانين دينارا جيادا أعدّهافأتلفتها حتى شربت بدين
رهنت قميصي للمجون وجبّتي،وبعت إزارا معلم الطّرفين
وقد كنت في قطربّل، إذ أتيتها،أرى أنني من أيسر الثّقلين
فروّحت منها معسرا غير موسرأقرطس في الإفلاس من مائتين
ألا رح بزين يوم رحت مودّعا،وقد رحت منه يوم رحت بشين

قال: واجتمع الخمارون للسلام عليه فما شبهتهم وإياه وتعظيمهم له إلّا بخاصة الرشيد عند تسليمهم عليه في يوم حفل له، وقال الصولي ومن قوله:
أقرطس في الإفلاس من مائتين
أخذ أبو تمام قوله:

بأبي، وإن خشنت له بأبي،من ليس يعرف غيره أربي
قرطست عشرا في محبتهفي مثلها من سرعة الطّلب
ولقد أراني لو مددت يديشهرين أرمي الأرض لم أصب

ولقطربّل أخبار وفيها أشعار يسعنا أن نجمع كتابا في أجلاد من أخبار الخلفاء والمجّان والشعراء والبطالين والمتفجّرين، ومقابل مدينة آمد بديار بكر قرية يقال لها قطربّل تباع فيها الخمر أيضا، قال فيها صديقنا محمد بن جعفر الرّبعي الحلّيّ الشاعر:
يقولون:
ها قطربّل فوق دجلة،عدمتك ألفاظا بغير معان
أقلّب طرفي لا أرى القفص دونها،ولا النخل باد من قرى البردان