حلوان
حُلْوانُ
بالضم ثم السكون، والحلوان في اللغة الهبة، يقال: حلوت فلانا كذا مالا أحلوه حلوا وحلوانا إذا وهبت له شيئا على شيء يفعله غير الأجر، وفي الحديث: نهي عن حلوان الكاهن، وال أن يأخذ الرجل من مهر ابنته لنفسه. وحلوان في عدة مواضع: حلوان العراق، وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد، وقيل: إنها سميت بحلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة كان بعض الملوك أقطعه إياها فسميت به.
وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس: حلوانطولها إحدى وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وعرضها أربع وثلاثون درجة، بيت حياتها أول درجة من الأسد، طالعها الذراع اليماني تحت عشر درج من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، وهي في الإقليم الرابع، وكانت مدينة كبيرة عامرة، قال أبو زيد: أما حلوان فإنها مدينة عامرة ليس بأرض العراق بعد الكوفة والبصرة وواسط وبغداد وسرّ من رأى أكبر منها، وأكثر ثمارها التين، وهي بقرب الجبل، وليس للعراق مدينة بقرب الجبل غيرها، وربما يسقط بها الثلج، وأما أعلى جبلها فإن الثلج يسقط به دائما، وهي وبئة ردية الماء وكبريتيته، ينبت الدفلى على مياهها، وبها رمان ليس في الدنيا مثله وتين في غاية من الجودة ويسمونه لجودته شاه انجير أي ملك التين، وحواليها عدة عيون كبريتية ينتفع بها من عدة أدواء.
وأما فتحها فإن المسلمين لما فرغوا من جلولاء ضمّ هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وكان عمه سعد قد سيّره على مقدمته إلى جرير بن عبد الله في خيل ورتبه بجلولاء، فنهض إلى حلوان فهرب يزدجرد إلى أصبهان وفتح جرير حلوان صلحا على أن كفّ عنهم وآمنهم على ديارهم وأموالهم ثم مضى نحو الدينور فلم يفتحها وفتح قرميسين على مثل ما فتح عليه حلوان وعاد إلى حلوان فأقام بها واليا إلى أن قدم عمار بن ياسر، فكتب إليه من الكوفة أن عمر قد أمره أن يمد به أبا موسى الأشعري بالأهواز، فسار حتى لحق بأبي موسى في سنة 19، قال الواقدي: بحلوان عقب لجرير بن عبد الله البجلي، وكان قد فتح حلوان في سنة 19، وفي كتاب سيف: في سنة 16، وقال القعقاع بن عمرو التميمي:
وهل تذكرون، إذ نزلنا وأنتم منازل كسرى، والأمور حوائل فصرنا لكم ردءا بحلوان بعد ما نزلنا جميعا، والجميع نوازل فنحن الأولى فزنا بحلوان بعد ما أرنّت، على كسرى، الإما والحلائل
وقال بعض المتأخرين يذم أهل حلوان:
ما إن رأيت جواميسا مقرّنة، إلا ذكرت ثناء عند حلوان قوم، إذا ما أتى الأضياف دارهم لم ينزلوهم ودلوهم على الخان
وينسب إلى حلوان هذه خلق كثير من أهل العلم، منهم: أبو محمد الحسن بن عليّ الخلّال الحلواني، يروي عن يزيد بن هرون وعبد الرزاق وغيرهما، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما، توفي سنة 242، وقال أعرابيّ:
تلفّتّ من حلوان، والدمع غالب، إلى روض نجد، أين حلوان من نجد؟ لحصباء نجد، حين يضربها الندى، ألذّ وأشفى للعليل من الورد ألا ليت شعري! هل أناس بكيتهم لفقدهم هل يبكينّهم فقدي؟ أداوي ببرد الماء حرّ صبابة، وما للحشا والقلب غيرك من برد
وأما نخلتا حلوان فأول من ذكرهما في شعره فيما علمنا مطيع بن إياس الليثي، وكان من أهل فلسطين من أصحاب الحجاج بن يوسف، ذكر أبو الفرج عن أبي الحسن الأسدي حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيهعن سعيد بن سلم قال: أخبرني مطيع بن إياس أنه كان مع سلم بن قتيبة بالرّيّ، فلما خرج إبراهيم بن الحسن كتب إليه المنصور يأمره باستخلاف رجل على عمله والقدوم عليه في خاصته على البريد، قال مطيع ابن إياس: وكانت لي جارية يقال لها جوذابة كنت أحبّها، فأمرني سلم بالخروج معه فاضطررت إلى بيع الجارية فبعتها وندمت على ذلك بعد خروجي وتتبعتها نفسي، فنزلنا حلوان فجلست على العقبة أنتظر ثقلي وعنان دابتي في يدي وأنا مستند إلى نخلة على العقبة وإلى جانبها نخلة أخرى فتذكرت الجارية واشتقت إليها فأنشدت أقول:
أسعداني يا نخلتي حلوان، وابكياني من ريب هذا الزمان واعلما أن ريبه لم يزل يف رق بين الألّاف والجيران ولعمري، لو ذقتما ألم الفر قة أبكاكما الذي أبكاني أسعداني، وأيقنا أن نحسا سوف يأتيكما فتفترقان كم رمتني صروف هذي الليالي بفراق الأحباب والخلّان غير أني لم تلق نفسي كما لا قيت من فرقة ابنة الدهقان جارة لي بالريّ تذهب همّي، ويسلّي دنوّها أحزاني فجعتني الأيام، أغبط ما كن ت، بصدع للبين غير مدان وبزعمي أن أصبحت لا تراها ال عين مني، وأصبحت لا تراني
وعن سعيد بن سلم عن مطيع قال: كانت لي بالرّيّ، جارية أيام مقامي بها مع سلم بن قتيبة، فكنت أتستر بها وأتعشق امرأة من بنات الدهاقين، وكنت نازلا إلى جنبها في دار لها، فلما خرجنا بعت الجارية وبقيت في نفسي علاقة من المرأة، فلما نزلنا بعقبة حلوان جلست مستندا إلى إحدى النخلتين اللتين على العقبة وقلت، وذكر الأبيات، فقال لي سلم: فيمن هذه الأبيات، أفي جاريتك؟ فاستحييت أن أصدقه فقلت:
نعم، فكتب من وقته إلى خليفته أن يبتاعها لي، فلم يلبث أن ورد كتابه بأني قد وجدتها وقد تداولها الرجال وقد بلغت خمسة آلاف درهم فإن أمرت أن أشتريها، فأخبرني بذلك سلم وقال: أيما أحب إليك هي أم خمسة آلاف درهم؟ فقلت: أما إن كانت قد تداولها الرجال فقد عزفت نفسي عنها، فأمر لي بخمسة آلاف درهم، فقلت: والله ما كان في نفسي منها شيء ولو كنت أحبها لم أبال إذا رجعت إلي بمن تداولها ولا أبالي لو ناكها أهل منى كلهم، وذكر المدائني أن المنصور اجتاز بنخلتي حلوان وكانت إحداهما على الطريق وكانت تضيّقه وتزدحم الأثقال عليه فأمر بقطعها، فأنشد قول مطيع:
واعلما إن بقيتما أن نحسا سوف يلقاكما فتفترقان
فقال: لا والله لا كنت ذلك النحس الذي يفرق بينهما! فانصرف وتركهما، وذكر أحمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده إسمعيل بن داود أن المهدي قال:
أكثر الشعراء في ذكر نخلتي حلوان ولهممت بقطعهما فبلغ قولي المنصور فكتب إليّ: بلغني أنك هممت بقطع نخلتي حلوان ولا فائدة لك في قطعهما ولا ضرر عليك في بقائهما وأنا أعيذك بالله أن تكون النحس الذي يلقاهما فيفرق بينهما، يريد بيت مطيع، وعن أبي نمير عبد الله بن أيوب قال: لما خرج المهدي فصار بعقبة حلوان استطاب الموضع فتغدّى به ودعا بحسنة فقال لها: ما ترين طيب هذا الموضع! غنيني بحياتي حتى أشرب ههنا أقداحا، فأخذت محكّة كانت في يده فأوقعت على فخذه وغنته فقالت:
أيا نخلتي وادي بوانة حبّذا، إذا نام حرّاس النخيل، جناكما
فقال: أحسنت! لقد هممت بقطع هاتين النخلتين، يعني نخلتي حلوان، فمنعني منهما هذا الصوت، فقالت له حسنة: أعيذك بالله أن تكون النحس المفرق بينهما! وأنشدته بيت مطيع، فقال: أحسنت والله فيما فعلت إذ نبّهتني على هذا، والله لا أقطعهما أبدا ولأوكلن بهما من يحفظهما ويسقيهما أينما حييت! ثم أمر بأن يفعل ذلك، فلم تزالا في حياته على ما رسمه إلى أن مات، وذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله ابن أبي سعد عن محمد بن المفضل الهاشمي عن سلام الأبرش قال: لما خرج الرشيد إلى طوس هاج به الدم بحلوان فأشار عليه الطبيب بأكل جمّار، فأحضر دهقان حلوان وطلب منه، فأعلمه أن بلادهم ليس بها نخل ولكن على العقبة نخلتان، فأمر بقطع إحداهما، فلما نظر إلى النخلتين بعد أن انتهى إليهما فوجد إحداهما مقطوعة والأخرى قائمة وعلى القائمة مكتوب، وذكر البيت، فأعلم الرشيد وقال: لقد عز عليّ أن كنت نحسكما ولو كنت سمعت هذا البيت ما قطعت هذه النخلة ولو قتلني الدم، ومما قيل في نخلتي حلوان من الشعر قول حمّاد عجرد:
جعل الله سدرتي قصر شي رين فداء لنخلتي حلوان جئت مستسعدا فلم تسع داني، ومطيع بكت له النخلتان
وروى حماد عن أبيه لبعض الشعراء في نخلتي حلوان:
أيها العاذلان لا تعذلاني، ودعاني من الملام دعاني وابكيا لي، فإنني مستحقّ منكما بالبكاء أن تسعداني إنني منكما بذلك أولى من مطيع بنخلتي حلوان فهما تجهلان ما كان يشكو من هواه، وأنتما تعلمان
وقال فيهما أحمد بن إبراهيم الكاتب من قصيدة:
وكذاك الزمان ليس، وإن أل لف، يبقى عليه مؤتلفان سلبت كفّه العزيز أخاه، ثم ثنّى بنخلتي حلوان فكأنّ العزيز مذ كان فردا، وكأن لم تجاور النخلتان
حلوان
مدينة بين همذان وبغداد. كانت عامرة طيبة والآن خراب، وتينها ورمانها في غاية الطيب، لم يوجد في شيء من البلاد مثلهما. وفي حواليها عدة عيون كبريتية ينتفع بها من عدة أدواء. وكان بها نخلتان مشهورتان على طريق السابلة، وصل إليهما مطيع بن اياس فقال:
أسعداني يا نخلتي حلوان وابكيا لي من ريب هذا الزّمان واعلما أنّ ريبه لم يزل يفرّق بين الألاّفي والجيران واسعداني وأيقنا أنّ نحساً سوف يأتيكما فتفترقان!
حكى المدائني أن المنصور اجتاز عليهما، وكان إحداهما على الطريق ضيقت على الأحمال والثقال، فأمر بقطعها فأنشد قول مطيع فقال: والله لا كنت ذلك النحس! ثم اجتاز المهدي بهما واستطاب الموضع، ودعا لحسنه المغنية وقال لها: أما ترين طيب هذا الموضع؟ غنيني بحياتي! فغنت:
أيا نخلتي وادي بوانة حبّذا إذا نام حرّاس النّخيل جناكما!
فقال لها: أحسنت! لقد هممت بقطع هاتين النخلتين فمنعتني. فقالت: أعيذك بالله أن تكون نحسهما! وأنشدت قول مطيع، ثم اجتاز بهما الرشيد عند خروجه إلى خراسان وقد هاج به الدم بحلوان، فأشار عليه الطبيب بأكل الجمار، فطلب ذلك من دهقان حلوان فقال: ليست أرضنا أرض نخل لكنعلى العقبة نخلتان فاقطعوا إحداهما. فقطعوا. فلما اجتاز الرشيد بهما وجد إحداهما مقطوعة والأخرى قائمة وعليها مكتوب:
واعلما إن بقيتما أنّ نحساً سوف يأتيكما فتفترقان!
فاغتم الرشيد لذلك وقال: لقد عز علي ان كنت نحسهما، ولو كنت سمعت هذا الشعر ما قطعت هذه النخلة ولو قتلني الدم! فاتفق انه لم يرجع من ذلك السفر.
حلوان
بالضم ثم السكون، بمعنى الهبة والعطية، وحلوان: بالعراق آخر حدود الشواد مما يلي الجبال، وحلوان أيضا في مصر قرب القاهرة.
حلوان
مدينة من مدن الجبل على مقربة من خانقين وفي مصر مدينة بهذا الاسم تقع قرب القاهرة.