الشمائل المحمدية
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لولاَ أن أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي؛ لَأَمَرتُهُم بِالسِّوَاك عِندَ كُلِّ صَلاَة).
شرح الحديث :
من كمال نصح النبي -صلى الله عليه وسلم- ومحبته الخير لأمته، ورغبته أن يفعلوا كل فعل يعود عليهم بالنفع؛ لينالوا كمال السعادة أن حثهم على التسوك، فهو -صلى الله عليه وسلم- لما علِم من كثرة فوائد السواك، وأثر منفعته عاجلا وآجلا؛ كاد يلزم أمته به عند كل وضوء أو صلاة؛ لورود رواية: (مع كل وضوء)، ولكن -لكمال شفقته ورحمته- خاف أن يفرضه الله عليهم؛ فلا يقوموا به؛ فيأثموا؛ فامتنع من فرضه عليهم خوفاً وإشفاقاً، ومع هذا رغبهم فيه وحضَّهم عليه.
معاني الكلمات :
لَولا | حرف امتناع لوجود: أي أنها تدل على امتناع شيء؛ لوجود شيء آخر، ففي هذا الحديث تدل على امتناع إلزام النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بالسواك عند كل صلاة؛ لوجود المشقة عليهم بذلك. |
أَشُق | أتعب وأثقل. |
أُمَتِّي | جماعتي، والمراد بهم: من آمن به واتبعه. |
لأَمَرتُهُم | لألزمتهم. |
بالسِّوَاك | أي: باستخدام السواك لتنظيف الفم. |
عند كلِّ صَلاة | عند فعل كل صلاة. |
فوائد من الحديث :
- كمال شفقة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمته، وخوفه عليهم .
- لم يمنع من فرض السواك؛ إلا مخافة المشقة في القيام به .
- الشرع يسر لا عسر فيه، ولا مشقة .
- النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أمر بشيء فهو لازم، إلا أن يقوم الدليل على أنه تطوع .
- استحباب السواك وفضله .
- تأكُّد مشروعية السواك عند الوضوء والصلاة .
- فضل الوضوء والصلاة المستعمل معهما السواك .
- تعظيم شأن الصلاة .
- عموم الحديث يشمل صلاة الصائم بعد الزوال؛ فيتأكَّد في حق الصائم أن يستاك عند كل صلاة، ولو بعد الزوال، كصلاتي: الظهر والعصر .
- درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهذه قاعدة عظيمة نافعة جدا، فإن الشارع الحكيم ترك فرض السواك على الأمة مع ما فيه من المصالح العظيمة؛ خشية أن يفرضه الله عليهم فلا يقوموا به؛ فيحصل عليهم فساد كبير؛ بتركِ الواجبات الشرعية .
المراجع :
- تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، عبد الله بن عبد الرحمن البسام، تحقيق: محمد صبحي حلاق، مكتبة الصحابة، الإمارات، مكتبة التابعين، القاهرة، الطبعة: العاشرة، 1426هـ.
- تنبيه الأفهام شرح عمدة الأحكام، محمد بن صالح العثيمين، مكتبة الصحابة، الإمارات، الطبعة: الأولى، 1426هـ.
- عمدة الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم، لعبد الغني المقدسي، دراسة وتحقيق: محمود الأرناؤوط، مراجعة وتقديم: عبد القادر الأرناؤوط، دار الثقافة العربية، دمشق، بيروت، مؤسسة قرطبة، الطبعة: الثانية، 1408هـ.
- صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، تحقيق: محمد زهير الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422هـ.
- صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة: 1423هـ.