الملائكة
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: «قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لجبريل: «مَا يَمْنَعُك أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَر مِمَّا تَزُورَنَا؟» فنزلت: (وَمَا نَتَنَزَّل إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَينَ ذَلِك ).
شرح الحديث :
يحكي الحديث شوق النبي -صلى الله عليه وسلم- لجبريل -عليه السلام-؛ لأنَّه يأتيه من الله -عز وجل-، حيثُ أبطأ جبريل في النزول أربعين يوما فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- يا جبريل: (ما يمنعك أن تزورنا)؟، أي: ما نزلت حتى اشتقت إليك، وأوحى الله إلى جبريل قل له: (وما نتنزل إلا بأمر ربك) أي قال الله -سبحانه- قل يا جبريل ما نتنزل في أوقات متباعدة إلا بإذن الله على ما تقتضيه حكمته، فهو سبحانه: (له ما بين أيدينا) أي: أمامنا من أمور الآخرة، (وما خلفنا): من أمور الدنيا، وتمام الآية "وما بين ذلك" أي: ما يكون من هذا الوقت إلى قيام الساعة، أي: له علم ذلك جميعه وما كان ربك نسيا أي: ناسيا يعني تاركا لك بتأخير الوحي عنك. فالحاصل أن هذ الحديث يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يصطحب الأخيار، وأن يزورهم ويزوروه لما في ذلك من الخير.
معاني الكلمات :
نَتَنَزَّلُ | التَنزُّل النزول على مَهَلٍ. |
إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ | بمعنى الإذن، أي بإذن ربِّك. |
له ما بين أيدينا وما خلفنا | المراد ما أمامنا وخلفنا من الأزمنة والأمكنة، فلا ننتقل من شيء إلى شيء إلا بأمره وإرادته. |
فوائد من الحديث :
- محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- لجبريل عليه السلام وشوقه لرؤيته، وللعلم بما يحمل معه من وحي .
- استحباب زيارة الإخوة في الله ودعوتهم للزيارة، والسؤال عند التأخر .
- جواز استفسار المسلم من أخيه المسلم عن سبب تأخره عنه؛ لأن فيه علامة المحبة، وفيه من التحبب ما هو ممدوح شرعاً .
- الملائكة لا تتصرف ولا تتنزل إلا بأمر الله .
- طلب الصديق من صديقه كثرة زيارته، إذا لم يكن مانع من شغل أو غيره .
المراجع :
- رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، للإمام أبي زكريا النووي، تحقيق د.
- ماهر الفحل، دار ابن كثير-دمشق، الطبعة الأولى، 1428هـ.
- دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، لمحمد بن علان الشافعي، دار الكتاب العربي، بيروت - بدون تاريخ.
- بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين، تأليف سليم الهلالي، دار ابن الجوزي- الطبعة الأولى1418هـ.
- نزهة المتقين شرح رياض الصالحين، تأليف د.
- مصطفى الخِن وغيره، مؤسسة الرسالة-بيروت، الطبعة الرابعة عشر، 1407هـ.
- صحيح البخاري، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، عناية محمد زهير الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى، 1422هـ.
- صحيح مسلم، للإمام مسلم بن الحجاج، حققه ورقمه محمد فؤاد عبد الباقي، دار عالم الكتب - الرياض، الطبعة الأولى، 1417هـ.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري- أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي - دار المعرفة - بيروت، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي- قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب- عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي - محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفورى، دار الكتب العلمية - بيروت.