بطاقة المادة
المؤلف | حسين بن حمزة حسين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
الحكمة في القصاص والحدود | العربية |
الحدود الشرعية .. أهميتها وحكمها | العربية |
نعمة إقامة الحدود | العربية |
عناصر الخطبة
اقتباسلقد أثلج قلوبنا وأفرح مسامعنا، صدور بيان وزارة الداخلية السبت الماضي بتنفيذ حكم الله -عز وجل- وإقامة حد الحرابة والقتل تعزيراً في حق (47) شخصاً من الفئة الضالة التي اعتنقت عقيدة الخوارج، ففرح المؤمن بإقامة حدود الله وتطبيق شرع الله من الأمور التي يحبها الله، فرحاً بإقامة دين الله وشرع الله، فرحاً لا شمت فيه، ولا استهزاء، حيث أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لعنه للمرأة التي رُجمت حدّاً في الزنا. فقد حرص ديننا على اجتماع كلمة الأمة، ونبذ أسباب الفُرقة، وما يؤول إلى اختلال الأمن، واستباحة بيضة المسلمين، وإزهاق الأنفس, وإضاعة الحقوق وتعريض مصالح الوطن لأعظم الأخطار..
الخطبة الأولى:
الحمد لله القائل في كتابه المبين: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُون اللَّهَ وَرَسُولَهٌ وَيَسْعَوْن فِي الأَرْضِ فَسَادًاً أَنْ يُقتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفوْا مِن الأَرْضِ ذلِكَ لهُمْ خَزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33], وأشهد أن لا إله إلا الله القائل: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58].
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله القائل: "لَحَدٌّ يقام في الأرض خيرٌ لأهل الأرض من أن يُمطَروا أربعين ليلة"، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلّم تسليما كثيرا..
إخوة الإيمان: في صحيح البخاري عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مثَل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا؛ فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا".
لقد أثلج قلوبنا وأفرح مسامعنا، صدور بيان وزارة الداخلية السبت الماضي بتنفيذ حكم الله -عز وجل- وإقامة حد الحرابة والقتل تعزيراً في حق (47) شخصاً من الفئة الضالة التي اعتنقت عقيدة الخوارج، ففرح المؤمن بإقامة حدود الله وتطبيق شرع الله من الأمور التي يحبها الله، فرحاً بإقامة دين الله وشرع الله، فرحاً لا شمت فيه، ولا استهزاء، حيث أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لعنه للمرأة التي رُجمت حدّاً في الزنا.
فقد حرص ديننا على اجتماع كلمة الأمة، ونبذ أسباب الفُرقة، وما يؤول إلى اختلال الأمن، واستباحة بيضة المسلمين، وإزهاق الأنفس, وإضاعة الحقوق وتعريض مصالح الوطن لأعظم الأخطار, قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه مسلم في صحيحه "من أتاكم وأمركم جميعاً على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، ويفرق جماعتكم فاقتلوه"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنه ستكون هنَات وهنَات, فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائناً من كان".
بذلك ضمن الله لأمة الإسلام ترسية الأمن وضمان القوّة والدوام والتثبيت ووحدة الصف وجمع الكلمة، وفي ذلك تحذير لدعاة الفتنة والفرقة، وتحذير لمن سار في ركبهم واقتفى ضلالهم بأن مصيره مصيرهم ولا بد..
يقول أحد الليبيين معقِّبًا على الجرم الآثم ومعزياً أهل الحرمين عندما صرح مسؤول أمني كبير في الرياض بأن عنصرين لـ«داعش» نفَّذا جريمة قتل رجل أمن شرق الرياض، واختلفا في ما إذا كان تصوير ضحيتهما بعد قتله حراماً أم حلالاً، كلّهم يريد أن يباشر القتل والآخر يقوم بالتصوير.
يقول ناصحاً: "يا أهل بلاد الحرمين.. احموا بلادكم.. فهي آمنة، والأمن لا يشترى بالمال إن ضاع.. ما نفع المال إن لم تجدوا الأمن.. اسهروا مع رجال جيشكم وشرطتكم، وتعاونوا معهم على حفظ الأمن.. فوالله إننا في ليبيا في شوق لأن يعود الأمن، الخوف يحيط بنا من كل جانب.. ليس فخرًا ما حدث في ليبيا… وإنما الخراب بعينه.. هل تعلموا أننا ما إن تغرب الشمس، الكل يختبئ في بيته…. نصيحة من الآن التفوا حول دولتكم…وأعينوها ضد الإرهابيين.. وساهموا في قطع أيديهم بما تستطيعون…كان الله في عونكم" (أخوكم في الله: ليبي يعزيكم) ا.هـ.
إخوة الإيمان: ولتعلموا عظيم جرم هؤلاء، فقد قاموا باعتناق المنهج التكفيري المشتمل على عقيدة الخوارج المخالف للكتاب والسنة، والانتماء لتنظيمات إرهابية، وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، فاستهدفوا مقارّ الأجهزة الأمنية والعسكرية والمطارات ورجال الأمن والمواطنين والمعاهدين، مما أدى إلى استشهاد عدد منهم، والشروع في العديد من عمليات الخطف والقتل، ومواجهة رجال الأمن بالسلاح، وإطلاق النار، بل وإلقاء القنابل عليهم أثناء تأديتهم لواجبهم في حفظ أمن المجتمع.
مع دعم وتشجيع أعمال التخريب المسلّح في الطرقات والأماكن العامة، فقد قاموا بتفجير العديد من الأماكن السكنية والأسواق التجارية، بل وحتى المساجد والمصلين داخلها لم يسلموا منهم، وتسميم المياه العامة، وخطف عدد من المقيمين بهدف قتلهم والتمثيل بجثثهم، وتصنيع المتفجرات وتهريبها إلى المملكة، وحيازة أسلحة وقنابل مصنعة محلياً ومستوردة، وحيازة مواد متفجرة ذات قدرة تدميرية عالية وشديدة، وحيازة قذائف وصواريخ متنوعة.
ومحاولة سعيهم لضرب الاقتصاد الوطني، فقد استهدفت مصفاة بقيق لولا ستر الله -عز وجل- وقتل رجلي أمن هناك، ومحاولة تفجير شركة أرامكو السعودية، والشروع في استهداف عدد من السفارات والقنصليات الأجنبية في دولتنا، وتنفيذ عدد من عمليات السطو المسلّح على مصارف ومحالّ تجارية.
وجرائم نصب واحتيال، نتج عنها: جمع أموال بمبالغ ضخمة وتوظيفها داخليّاً وخارجياً لغسلها، ولتمويل الإرهاب والعمليات الإرهابية، والدعوة لإشاعة الفوضى والتحريض على أعمال العنف والتخريب, وإثارة الفتنة وإذكائها، وإيغار الصدور بالكذب والبهتان، والتلبيس على الناس، وتشجيع الأعمال الإرهابية في دول شقيقة، وتأييدها علناً, والتحريض عليها مع إثارة الشغب والفوضى, والإخلال بالنظام العام.
إخوة الإيمان: ومع ما أوردت لكم من بعض جرائمهم وعدوانهم إلا أن عدل ولاة أمرنا منح هؤلاء الحق في الدفاع عن أنفسهم، وتعريفهم بجرمهم، قال المتحدث باسم المجلس الأعلى للقضاء الشيخ سلمان النشوان –حفظه الله -: "إن جميع الإرهابيين الذي نفّذت وزارة الداخلية الأحكام القضائية الواردة بحقهم، مُنحوا الضمانات القضائية اللازمة كافة، وحَكم في قضاياهم 13 قاضياً، واستغرقت محاكمتهم عشرة أعوام، لافتاً إلى أن شرع الله -عز وجل- القصاص والقتل تعزيراً لمن يهدد الضروريات الخمس التي جاءت منها النفس المعصومة التي حرم الله الاعتداء عليها بأيّ نوع من الاعتداء إلا بالحق".
ثم قال: "وإن مع كل ما فعلوه إلا أنهم أخذوا حقهم في الدفاع عن أنفسهم بمحاكمات عادلة ومعلنة، وبحضور أصحاب الشأن، وقد مُكِّنوا من توكيل محامين للدفاع عنهم، ومن لم يستطع وكلت الدولة محامياً للدفاع عنه، وقد أسفر التحقيق مع الجناة المذكورين عن توجيه الاتهام لهم بارتكابهم لتلك الجرائم، وإدانتهم بالمسؤولية عنها, وصدرت بحقهم صكوك شرعية من القضاء, تتضمن ثبوت ما نسب إليهم شرعاً, والحكم عليهم بإقامة حد الحرابة بقتل (4) منهم، والقتل تعزيراً لبقية المتهمين".
يقول المتحدث بوزارة الداخلية: "ووزارة الداخلية إذا تعلن ذلك لتؤكد أن هذه البلاد التي اتخذت من كتاب الله تعالى, وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- منذ قيامها دستوراً ومنهاجاً لها, لن تتوانى عن ردع كل مَن يهدِّد أمنها وأمن مواطنيها والمقيمين على ترابها,.. وأنها ماضية بمشيئة الله بكل عزم وحزم في المحافظة على استتباب الأمن واستقراره، وتحقيق العدالة بتنفيذ أحكام الشرع المطهّر في كل من يتعدى حدود اللّه أو يتعدى على أنفس الأبرياء المعصومة، وأموالهم، وأعراضهم، كما تحذر في الوقت ذاته كل من تسوّل له نفسه الإقدام على ارتكاب مثل هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره ﴿وَسَيعلَمُ الّذيِنَ ظَلمُوا أَي مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون﴾ [الأعراف: 227]".
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إخوة الإيمان: ومما يؤلم مسامعنا ويكدِّر صفونا من يتغابى وهو من الحمق أقرب منه إلى الغباء، من يقول: لو أخذنا الرأفة والرحمة بهؤلاء ولم ننفِّذ حكم الله فيهم، لو تركناهم أحياء، وتناسوا المجني عليهم الذين تم قتلهم أو ترويعهم أو التخريب والتدمير الذي يصدر منهم.
إخوة الإيمان: لصالح من هذه التفجيرات ونشر الفوضى في بلادنا؟، هل هو لصالح أمريكا وإسرائيل أو لصالح إيران؟، بلادنا الآن في حرب مع الرافضة، خَلْقُ بُؤَرٍ لِلصِّرَاعِ بداخل جسد أمتنا ودولتنا وَإِشْعَالُ نَارِ الْفِتْنَةِ يفيد من؟، فَهَلْ يَكُونُ ذَا عَقْلٍ مَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ أَدَاةً لِتَنْفِيذِ هَذَا المُخَطَّطِ الْإِجْرَامِيِّ الَّذِي يَقْضِي عَلَى مَا تَبَقَّى مِنْ بُلْدَانِ المُسْلِمِينَ وَأَرَاضِيهِمْ؟!
بعضي عل بعضي يجرد سيفه *** والسهم مني نحو صدري يرسل
النار توقد في خيام عشيرتي *** وأنا الذي –يا للمصيبة- أشعل
وَمِنَ الْغَبْنِ الْعَظِيمِ، وَالْإِثْمِ الْكَبِيرِ أَنْ يَتِمَّ تَنْفِيذُ هَذِهِ السِّيَاسَةِ الْفَارِسِيَّةِ الْخَبِيثَةِ بِأَيْدِي أَبْنَاءِ المُسْلِمِينَ، سَوَاءً شَعَرُوا أَنَّهُمْ بِهَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ الَّذِي اسْتَبَاحُوا بِهِ حُرْمَةَ المسلمين، وَسَفَكُوا دِمَاءَ المُصَلِّينَ أَنَّهُمْ يَخْدُمُونَ المَشْرُوعَيْنِ الِاسْتِعْمَارِيَّيْنِ الْغَرْبِيِّ وَالصَّفَوِيِّ أَمْ لَمْ يَشْعُرُوا بِذَلِكَ.
فَإِنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ مَآلَ مَا فَعَلُوا وَنَتِيجَتَهُ فَهُمْ عُمَلَاءُ مُظَاهِرُونَ لِأَعْدَاءِ الْأُمَّةِ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَقَدْ أَرْدَى بِهِمْ جَهْلُهُمْ وَحُمْقُهُمْ إِلَى هُوَّةٍ سَحِيقَةٍ تُهْلِكُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَاللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ أَعْلَمُ بِمَ يُقَابِلُونَهُ بِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْآخِرَةِ.
نَعُوذُ بِاللَّهِ –تَعَالَى- مِنَ الْجَهْلِ وَالْحُمْقِ، وَمِنْ زَيْغِ الْقُلُوبِ، وَمِنْ التَّأَلِّي عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ.. وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ المُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْكَائِدِينَ، وَتَرَبُّصِ المُتَرَبِّصِينَ، وَأَهْدَافِ المُغْرِضِينَ، وَأَنْ يَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ خَاسِرِينَ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَنْ نَلْقَاهُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وأصلِّي وأسلِّم على أشرف الخلق أجمعين…
المؤلف | حسين بن حمزة حسين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
الحكمة في القصاص والحدود | العربية |
الحدود الشرعية .. أهميتها وحكمها | العربية |
نعمة إقامة الحدود | العربية |