بطاقة المادة
المؤلف | محمد بن مبارك الشرافي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
نور اليقين في فقه اسم الله المتين | العربية |
اليقين بالله والتوكل عليه | العربية |
حق اليقين | العربية |
عناصر الخطبة
اقتباسوَمِنَ النَّوَافِلِ: نَوَافِلُ الصَّيَامِ، فَحَافِظْ عَلَى ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَإِنَّهَا صِيَامُ الدَّهْرِ، وَإِنْ قَدِرْتَ فُصُمِ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، وَصُمْ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ وَتِسْعَ ذِي الْحَجَّةِ وَلاسِيَّمَا يَوْمَ عَرْفَةَ، وُصُمْ مِنْ شَهْرِ اللهِ…
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ، الرحمنِ الرَّحيمِ، الْحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لنَا دِينَاً قَوِيمَاً وَهَدَانَا بِفَضْلِهِ صِرَاطَاً مُسْتَقِيمَاً، وَرَبَّانَا بِأَحْسَنِ الأَخْلاقِ وَأَمَرَنَا بِأَقْوَمِ الأَعْمَالِ؛ فَلِلَّه الْحَمْدُ أَوَّلاً وَآخِرَاً وَظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً، وأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ وَمَن اهْتَدَى بِهَدْيِهِ إلى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رُسُلَهُ الْكِرَامَ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَأَتَمُّ السَّلَامِ- لِيُعَلِّمُونَا كَيْفَ نَتَقَرَّبُ إِلَى رَبِّنَا -عَزَّ وَجَلَّ-، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا الْكُتُبَ لِنَهْتَدِيَ بِهَا فِي حَيَاتِنَا وَنَسِيرَ عَلَى نَهْجِهَا وَنَعْمَلَ بِآيَاتِهَا، وَخَتَمَ تِلْكُمُ الْكُتُبِ بِأَعْظَمِ كِتَابٍ وَهُوَ الْقُرْآن؛ قَالَ اللهُ –تَعَالَى-: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾[آل عمران: 164].
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ الْأَيَّامَ تَتَوَالَى وَالسِّنِينَ تَتَعَاقَبُ وَالدُّهُورُ لا تَقِفُ، وَالْوَاحِدُ مِنَّا لا يَدْرِي مَتَى يَأْتِيهِ دَاعِي رَبِّهُ لِيُغَادِرَ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةَ وَالْمَرْحَلَةَ الزَّائِلَةَ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[لقمان: 34]، إِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَمَلٌ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ ابْتِدَاءَهَ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا قَدَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا مِنْ بَعْدِهِ فَقَدْ يَنْفَعُونَهُ وَقَدْ يَنْسَوْنَهُ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ، فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِالاجْتِهَادِ فِي طَاعَةِ اللهِ وَالْعَمَلِ بِمَا يُقَرِّبُنَا إِلَى اللهِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ أَكُونُ فِي حَيَاتِي لِأَعْلَمَ أَنِّي فِي الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[الحشر: 7]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: “مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ“(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي هَذِهِ الأَدِلَّةِ الشَّرِيفَةِ بَيَانٌ لِطَرِيقِنَا فِي حَيَاتِنَا وَإِلَى جَنَّاتِ رَبِّنَا؛ أَسْأَلُ اللهُ أَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِهَا وَأَنْ يَخْتِمَ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِخَاتِمَةِ الْخَيْرِ.
فَلْنَجْتَنِبَ الْمُحَرَّمَاتِ كُلَّهَا مِنَ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي، ثُمَّ نَأْتِي بِكُلِّ ما نَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَأْمُورَاتِ؛ فَإِنْ عَجِزْنَا عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ بَدَلٌ انْتَقَلْنَا إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَدَلٌ سَقَطَ عَنَّا فَـــ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّنَا مَأْمُورُون أَوَّلًا بِتَحْقِيقِ الْفَرَائِضِ وَالإِتْيِانِ بِهَا ثُمَّ نَتَزَوَّدُ مِنَ النَّوَافِلِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ“(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
فَنُحَافِظَ عَلَى أَرْكَانِ دِينِنَا الإِسْلَامِ: التَّوْحِيدِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَكَذَلِكَ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْنَا مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَالْقِيَامِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلادِ، وَهَذَا كُلُّهُ قُرُبَاتٌ إِلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ.
ثُمَّ نَتَزَوَّدَ مِنَ السُّنَنِ التِي جَاءَتِ الْأَدِلَّةُ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا، وَتَعَالَوْا -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- نَتَكَلَّم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ التِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ فُعْلُهَا:
فَ﴿أَوَّلًا﴾ نَوَافِلُ الصَّلَاةِ: فَحَافِظْ عَلَى رَواتِبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ؛ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: “مَنْ صَلَّى اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ“(رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ؛ “أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ”
وَحَافِظْ كَذَلِكَ عَلَى صَلَاةِ الْضُحَى؛ فَإِنَّ السُّنَّةِ قَدْ جَاءَتْ بِهَا؛ فَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ“(رَوَاهٌ مُسْلِمٌ).
وَحَافِظْ -كَذَلِكَ- عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ سُنَّةُ الْمُرْسَلِينَ وَدَأَبُ الصَّالِحِينَ وَشَرَفُ عِبَادِ اللهِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(18)﴾، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: “يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزِّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ“(رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَمِمَّا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَيْهِ الْأْذَكَارُ؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَيْسَرِ الْعِبَادَاتِ وَمِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42)﴾[الأحزاب:41- 42]، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: “لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-“(رَوَاهُ أحَمْدَ وَصَحَحَّهُ الْأَلْبَانِيّ).
فَمِنَ الْأَذْكَارِ: أَذْكَارُ أَدْبَارِ الصَّلَواتِ الْمَكْتُوبَةِ، وَمِنْهَا: أَذْكَارُ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَمِنْهَا أَذْكَارُ النَّوْمِ، وَمِنْهَا أَذْكَارُ أَحْوَالِ الإِنْسَانِ فِي حَيَاتِهِ الْيَوْمِيَّةِ، كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالنُّزُولِ، وَهُنَاكَ كُتُبٌ جَامِعَةٌ لِهَذِهِ الأَذْكَارِ، وَمِنْ أَحْسَنِهَا كِتَابُ حَصْنِ الْمُسْلِمِ لِلشَّيْخِ سَعِيدِ بْنِ وَهْفٍ الْقَحْطَانِيِّ -حَفِظَهُ اللهُ-؛ فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَشْتَرِيَ نُسَخًا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ لَكَ وَلِأَهْلِ بَيْتِكَ وَلِمَنْ تُحِبَّ، لِيُحَافِظُوا عَلَى الْأَذْكَارِ.
أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم؛ فاستغْفِرُوهُ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ، وَأَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالحِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ لِلنَّوَافِلِ الْعَدِيدَ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْمَنَافِعِ، كَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ وَتَكْمِيلِ الْفَرَائِضِ وَزِيَادَةِ الْحَسَنَاتِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: “أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ يُحَاسَبُ بِصَلَاتِهِ؛ فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، وَإِنِ انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ شَيْئًا قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ“(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَمِنَ النَّوَافِلِ نَوَافِلُ الصَّدَقَةِ بِالْمَالِ؛ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنِيًّا كَالطَّعَامِ وَالْمَاءِ وَالثِّيَابِ، أَوْ كَانَ نَقْدِيًّا، وَكُلَّمَا كَانَ الْفَقِيرُ قَرِيبًا مِنْكَ كَانَتِ الصَّدَقَةُ فِيهِ أَعْظَمَ.
وَمِنَ النَّوَافِلِ : نَوَافِلُ الصَّيَامِ، فَحَافِظْ عَلَى ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَإِنَّهَا صِيَامُ الدَّهْرِ، وَإِنْ قَدِرْتَ فُصُمِ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، وَصُمْ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ وَتِسْعَ ذِي الْحَجَّةِ وَلاسِيَّمَا يَوْمَ عَرْفَةَ، وُصُمْ مِنْ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ وَخَاصَةً التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: “أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّام من كل شهر وركعتي الضُّحَى وَأَن أوتر قبل أَن أَنَام“(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَمِنَ النَّوَافِلِ نَوَافِلُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَتَى اسْتَطَاعَ الإِنْسَانُ ذَلِكَ؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةَ“(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَمِنَ النَّوَافِلِ الْمُهَمَّةِ التِي يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لا يَتْرُكَهَا أَبَدًا وِرْدُ التِّلَاوَةِ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ كَسْبِ الْحَسَنَاتِ وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ وَنُورِ الْقَلْبِ.
فَاجْعَلْ لَكَ وِرْدًا يَوْمِيًّا لا تُخِلُّ بِهِ سَفَرًا وَلا حَضَرًا، صِحَّةً وَلا مَرَضًا، ثُمَّ لَوْ فَاتَكَ وِرْدُكَ أَوْ قَصَّرْتَ فِيهِ لِسَبَبٍ أَوْ لِغَيْرِ سَبَبٍ فَاقْضِهِ مِنَ الْيَوْمِ التَّالِي، ثُمَّ اجْعَلْ وِرْدَكَ عَلَى تَرْتِيبِ أَيَّامِ الشَّهْرِ مِنْ أَجْلِ الانْتِظَامِ، وَبِحَمْدِ اللهِ عَدَدُ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ كَمَا أَنَّ الْشَّهْرَ فِي الْغَالِبِ ثَلاثُونَ يَوْمًا، فَاقْرَأ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْأً، وَإِذَا نَقَصَ الشَّهْرُ فَاقْرَأْ فِي آخِرِ يَوْمٍ جُزْأَيْنِ، وَبِإِذْنِ اللهِ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَسَتَنْتَفِعُ وَتَرَى أَثَرَ ذَلِكَ عَلَى حَيَاتِكِ قَرِيبًا.
اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه، اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الغَضَبِ والرِّضَا، وَنَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.
المؤلف | محمد بن مبارك الشرافي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
نور اليقين في فقه اسم الله المتين | العربية |
اليقين بالله والتوكل عليه | العربية |
حق اليقين | العربية |