بطاقة المادة
المؤلف | صالح بن محمد آل طالب |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
عقيدة الولاء والبراء الغائبة!! | العربية |
الولاء والبراء | العربية |
الولاء والبراء | العربية |
عناصر الخطبة
اقتباسالبركةُ كلُّها من الله؛ فإن الربَّ تعالى هو الذي تباركَ وحدَه، وكلُّ ما نُسِبَ إليه مُبارَكٌ، فكلامُه مُبارَك، ورسولُه مُبارَك، وعبدُه المُؤمنُ النافعُ لخلقه مُبارك، وبيتُه الحرام مُبارَك، وكِنانتُه من أرضه -وهي الشام- أرضُ البركة، وصفَها بالبركة في آياتٍ من كتابه، وباركَ المسجدَ الأقصى وما حولَه ..
الحمد لله، تباركَ في ذاته وباركَ من شاءَ من خلقه، الحمدُ لله العليِّ الأكرم، لا يُوفِي قدرَه بشرٌ ولا يقومُ بحقِّه، ولا ينفكُّ مخلوقٌ من رِقِّه، ولا يستغنِي بشرٌ عن جُودِه ورِزقِه، هو الأولُ في هذا الوجود، وله وحده القيامُ والسُّجود، وُجُودُه -سبحانه- لا يُشبِهُه وجود، وَجُودُه -سبحانه- لا يُشبِهُه جُود، وبطشُه يبغَتُ المُعرِضين وهم في صحوِهم أو هم هُجود، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأُوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله؛ فهي العُدَّةُ في الشدائد، والعونُ في المُلِمَّات، وهي أُنسُ الروح والطُّمأنينة، ومُتنزَّلُ الصبر والسَّكينة، ومبعثُ القوةِ واليقينِ، ومِعراجُ السموِّ إلى السماء، وهي التي تُثبِّتُ الأقدامَ عند المزالِق، وتربِطُ على القلوبِ عند الفتن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾ [الأحزاب: 70، 71].
أيها المسلمون: في تحايانا وفي دعواتنا عباراتٌ تستحقُّ التأمُّلَ، كلماتٌ نُردِّدُها كل يومٍ بيننا، وفي صلواتنا، قد جمَعت خيرَي الدنيا والآخرة، وسعادةَ الحال والمآل، إنها الدعاءُ بالبركة.
يلقَى المُسلمُ أخاه فيقول له: السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته؛ فهل تأمَّلنا معنى الدعاء بالبركة؟!
وفي صلاتنا ندعُو: "وبارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركتَ على إبراهيم"، وفي دُعاء قيام الليل: "وبارِك لي فيما أعطيتَ"، ونقول للزوجَين: "باركَ الله لكما، وباركَ عليكما".
فما حقيقةُ هذه البركات؟!
عباد الله: أصلُ البركة: الثُّبوتُ والدوامُ والاستِقرارُ، والبركةُ: النَّماءُ والزيادةُ وكثرةُ الخير. يُقال: باركَه الله وباركَ فيه وباركَ عليه وباركَ له، والمُبارَك: الذي قد باركَه الله تعالى، قال -سبحانه-: ﴿وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ﴾ [الأنبياء: 50]، وذلك لكثرة خيرِه ونفعِه ووجوه البركةِ فيه.
البركةُ كلُّها من الله؛ فإن الربَّ تعالى هو الذي تباركَ وحدَه، وكلُّ ما نُسِبَ إليه مُبارَكٌ، فكلامُه مُبارَك، ورسولُه مُبارَك، وعبدُه المُؤمنُ النافعُ لخلقه مُبارك، وبيتُه الحرام مُبارَك، وكِنانتُه من أرضه -وهي الشام- أرضُ البركة، وصفَها بالبركة في آياتٍ من كتابه، وباركَ المسجدَ الأقصى وما حولَه.
والله تعالى يُقال في حقِّه: تبارك؛ أي: تعالى وارتفع وتقدَّس وتمجَّد، ولا يُقال: تبارك في حقِّ أحدٍ غير الله تعالى، تباركَ في ذاته، وباركَ من شاءَ من خلقه، كما يُقال: تعاظمَ وتعالى، فهو دليلٌ على عظمته وكثرة خيره ودوامِه واجتِماع صفات الكمال فيه، وأن كلَّ نفعٍ في العالَم فمن نفعِه -سبحانه- ومن إحسانه، فهو ذو العظمة والجلال وعلوِّ الشان.
ولهذا إنما يذكُره غالبًا مُفتتِحًا به كلامَه وعظمتَه وكبرياءَه، قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1]، وقال -سبحانه-: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54].
أيها المسلمون: وقد يجعلُ اللهُ بعضَ خلقه مُبارَكًا، فيكثُر خيرُه، ويعظُم أثرُه، وتتصِلُ أسبابُ الخير فيه، وينتفعُ الناسُ منه، كما قال المسيحُ عيسى -عليه السلام-: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾ [مريم: 31].
البركةُ فضلُ الله يأتي للإنسان من حيث لا يُحِسُّ ولا يحتسِب، فكلُّ أمرٍ تُشاهَدُ فيه زيادةٌ غير محسوسة يُقال: مُباركٌ، وفيه بركةٌ.
البركةُ هِبةٌ من الله فوق الأسباب الماديَّة التي يتعاطاها البشرُ، وإذا باركَ الله في العُمر أطالَه على طاعته أو جمع فيه الخيرَ الكثيرَ، وإذا باركَ الله الصحةَ حفِظَها لصاحبِها، وإذا باركَ في المال نمَّاه وكثَّرَه، وأصلحَه وثمَّره، ووفَّق صاحبَه لصرفه في أمور الخير وأبواب الطاعة، وإذا باركَ الله في الأولاد رزقَ بِرَّهم وهداهم وأصلَحَهم، وإذا باركَ الله في الزوجة أقرَّ بها عينَ زوجا؛ إن نظرَ إليها سرَّتْه، وإن غابَ عنها حفِظَتْه.
وإذا باركَ الله في العمل امتدَّ أثرُه، وعظُم نفعُه وبِرُّه، وما باركَ الله الأعمالَ بمثلِ الإخلاصِ لله ومُتابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن القيم -رحمه الله-: "وكلُّ شيءٍ لا يكونُ لله فبركتُه منزوعةٌ؛ فإن الله تعالى هو الذي تباركَ وحده، والبركةُ كلُّها منه".
وفي الأثر الإلهي: "يقول الربُّ -تبارك وتعالى-: إني إذا أُطِعتُ رضيتُ، وإذا رضيتُ باركتُ، وليس لبركتي نهاية". أخرجه الإمام أحمد في الزهد بسندٍ صحيحٍ إلى وهب بن مُنبِّه.
وكم رأى الناسُ من بركة الله في الأشياء والأوقات، والأقوال والأعمال والأشخاص، فيكثُر القليلُ، ويعمُّ النفعُ، ويتَّصِلُ الخيرُ، وتتمُّ الكفايةُ، ويعلُو الرِّضا، وتطيبُ النفوس.
في سِيَر العُظماء عِبَرٌ من البركات، وقد كانوا بشرًا من الناس، ولكنَّ الله باركَ في أعمالهم وأعمارهم، وأشرفُ الخلق محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- كان يومُه يومًا مُباركًا، وقد عمَّ نفعُه، وتوالَت بركتُه، ولا زالت تتْرَى إلى أن يرِثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها، مع أن دعوتَه لم تتجاوَز ثلاثًا وعشرين عامًا.
وكانت خِلافةُ أبي بكرٍ -رضي الله عنه- سنتين وأشهُرًا، ومع ذلك حقَّقَ فيها ما يحتاجُ إلى عُقودٍ.
وفي العلمِ ترى من العُلماء عجبًا؛ فهذا الإمامُ الشافعيُّ -رحمه الله- تُوفِّي وهو في سنِّ الرابعةِ والخمسين، وهذا الطبريُّ والنوويُّ وابن تيمية وغيرهم تركُوا لنا إرثًا من العلم والتواليف والكتب ما تنقضِي دونَه الأعمار، ويعجزُ عنه الفِئامُ من الرجال، وليس ذلك إلا إعانةً من الله وبركةً جعلَها في أوقاتهم وفي آثارهم.
وأما البركةُ في حياة الناس؛ فقد كان يكفِيهم القليلُ رِزقُ كل يومٍ بيومِه، يُؤوِي البيتُ الواحدُ جمعًا من الأُسَر، وطعامُ الواحدِ يَكفِي الاثنين، تُظلِّلُهم القناعة، ويعلُوهم الرِّضا، وتُرفرِفُ عليهم السعادة.
فما بالُ الناس اليوم؟! ضاقَت أرزاقُهم أم ضاقَت نفوسُهم؟! قصُرَت أوقاتُهم أم قصُرَت هِمَمُهم؟!
لقد فُتِح على الناس من أسباب الرَّخاءِ ما لم يُفتَح على أحدٍ قبلَهم، وتفجَّرَت كنوزُ الأرض، وتوافَرَت الأموالُ والتجارات، وتعدَّدت طُرقُ الكسب تُذكِيها المُخترعات والمُكتشفات والصناعات؛ فهل ازدادَ الناسُ إلا فقرًا، وهل كسَبوا إلا شِقوةً وقهرًا؟!
غلَبَ على العالَم الشكوَى من الفقر، والقِلَّة، وضيقِ العيش، وشُحِّ الوقت، والخوف من المُستقبَل، مع توافُر كلِّ أسباب الرَّخاءِ؛ فأين الخلل؟! إنه محقُ البركة.
ومن نفيسِ الكلِم: "ليست البركةُ من الكثرة، ولكنَّ الكثرةَ من البركة".
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليست السَّنةُ بأن لا تُمطَروا، ولكنَّ السنةَ أن تُمطَروا وتُمطَروا ثم لا يُبارَكُ لكم فيه". رواه مسلم.
وفي كتاب ربِّنا: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96].
الإيمانُ والتقوى والعملُ الصالحُ سببُ البركة والرِّزق، والطُّمأنينة والرِّضا: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: 124].
نعم، الإعراضُ عن الله سببُ الشقاء الذي يشكُو منه الأفراد، كما تشكُو منه الأُمم.
ألا نتفكَّرُ في أسباب تضعضُع أكبر التجمُّعات الاقتِصاديَّة مع ما أقدرَهم الله عليه من العلم والتدبير؟! ألا نتفكَّرُ في غلَبَة الخوف وانعِدام الأمن في أقوى دول العالم وأشدِّها جبروتًا وبطشًا، وانتشار الحروب والقتل والاضطراب، مع ازدِحام القوانين والمُعاهَدات والمُنظَّمات.
إن الذي يُديرُ العالَمَ حقًّا هو الله -جلَّ في عُلاه-، ولا تسيرُ الأمورُ إلا وفقَ سُننه، ولا يحصُلُ الرخاءُ والسعدُ إلا وفقَ توجيهاته، وهو -سبحانه- القائلُ: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [البقرة: 276]، وهو -سبحانه- القائلُ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، وهو -سبحانه- القائلُ: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97].
الإيمانُ والتقوى والعملُ الصالحُ سببُ البركة والسعادة والرِّضا، والذنوبُ والمعاصي تمحَقُ البركةَ، وتُنغِّصُ العيشَ، وتُضيِّقُ الأرزاق: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [النحل: 112].
الجوعُ والخوفُ شبحٌ يُرعِبُ كلَّ الأحياء.
بل إن من آثار الذنوبِ والمعاصِي ما لا يخطُر على بالٍ؛ ففي الحديث: "ما توادَّ اثنان فيُفرَّقُ بينهما إلا بذنبٍ يُحدِثُه أحدُهما". رواه البخاري في الأدب المفرد.
وفي العلاقات الزوجية: تأمَّل تكرار التقوى وآثارَها في سُورة الطلاق، ثم التعقيبَ بقول الله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ(10)﴾ [الطلاق: 8- 10].
إنها السُّننُ نفسُها تجري على البيوت والأفراد، كما تجري على الأُمم والقُرى.
عن حكيم بن حِزامٍ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "البيِّعانِ بالخِيار ما لم يتفرَّقَا، فإن صدَقَا وبيَّنَا بُورِكَ لهما في بيعِهما، وإن كذَبَا وكتَمَا مُحِقَت بركةُ بيعِهما". رواه مسلم.
وفي حديث ابنِ عمر -رضي الله عنهما- ذكرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أُصولَ المعاصي الماحِقة للبركة والجالِبة للفقر والبلاء والضَّنْك، وهي: انتشارُ الفواحِش، ونقصُ المكاييل والموازين، ومنعُ الزكاة، ونقضُ العهود، وخيانةُ الأمانة، وتحكيمُ غير شرع الله.
فهل يعِي ذلك التجارُ والمُتبايِعون؟! هل يعِي ذلك من لا يتورَّعُ عن الغشِّ وأخذ الرِّشوة ونقضِ العهود والتلاعُب بالعقود؟! هل يعِي ذلك دُعاةُ الرَّذيلة والانحِلال ممن يُشيعون الفاحشةَ في الذين آمنوا؟!
لقد صدقَ الله: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: 30]، ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: 165].
عباد الله: لازِموا التُّقَى والصلاحِ، وتأمَّلُوا أثرَ ذلك في صحةِ أبدانِكم، وطُمأنينة نُفوسكم، ورغَد عيشِكم، وتمام سعادتكم، اطلُبُوا البركةَ من الله، وخُذوا بأسبابها: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: 132].
اللهم بارِك لنا في القرآن العظيم، واهدِنا صراطَك المُستقيم، أقولُ قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الصادقُ الأمين، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
عباد الله: في الصحيحين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقِيَني كعبُ بن عُجرة -رضي الله عنه- فقال: ألا أُهدِي لك هديَّةً سمعتُها من النبي -صلى الله عليه وسلم-؟! فقلتُ: بلى، فأهدِها إليَّ. فقال: سألْنا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقُلنا: يا رسول الله: كيف الصلاةُ عليكم أهلَ البيت؟! فإن اللهَ علَّمَنا كيف نُسلِّم. قال: "قُولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد".
فالدعاءُ للنبي -صلى الله عليه وسلم- بقولِنا: "وبارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على آل إبراهيم"، يتضمَّنُ إعطاءَه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم، وإدامتَه وثبوتَه له، ومُضاعفتَه له وزيادتَه، وقد قال تعالى في إبراهيم وآله: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ﴾ [الصافات: 113]، وقال تعالى في إبراهيم وأهل بيته: ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ [هود: 73].
فاللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وارضَ اللهم عن صحابةِ رسولِك أجمعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام وانصُر المسلمين، واخذُل الطغاةَ والملاحِدةَ والمُفسِدين، اللهم انصُر دينكَ وكتابك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين.
اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المُنكر يا رب العالمين.
اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين.
اللهم انصُر المُجاهدِين في سبيلك في فلسطين، وفي بلاد الشام، وفي كل مكانٍ يا رب العالمين، اللهم فُكَّ حِصارَهم، وأصلِح أحوالَهم، واكبِت عدوَّهم.
اللهم حرِّر المسجدَ الأقصى من ظُلم الظالمين، وعُدوان المُحتلِّين.
اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوالَهم في سوريا، اللهم اجمَعهم على الحقِّ والهدى، اللهم احقِن دماءهم، وآمِن روعاتهم، وسُدَّ خَلَّتهم، وأطعِم جائعَهم، واحفَظ أعراضَهم، واربِط على قلوبهم، وثبِّت أقدامَهم، وانصُرهم على من بغَى عليهم، اللهم فُكَّ حِصارَهم، اللهم فرَجك القريب.
المؤلف | صالح بن محمد آل طالب |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | مقروء |
اللغة | العربية |
العنوان | اللغة |
---|---|
عقيدة الولاء والبراء الغائبة!! | العربية |
الولاء والبراء | العربية |
الولاء والبراء | العربية |