عناصر الخطبة
- كثرة الفتن المدلهمة
- المخرج في زمن الفتن
- وجوب الحذر من الفتن قدر الاستطاعة
- من صور الفتن المعاصرة
- موقف المسلمِ من الفتنِ
- التحذير من العبث بأمنِ البِلادِ.
اقتباس أو كذلك على النقيض بفتنة فساد الأخلاق والشذوذ وحب الفوضى والتعصب.. كما أنها تحتاج لقبضةٍ أمنيةٍ قويّةٍ تردعها فهي أيضاً ظاهرة بحاجة إلى دراسة تفصيلية تعالجها.. فكيف غُسلت أدمغةُ هؤلاء الشباب ليصلون إلى ما وصلوا إليه من تكفيرٍ وتطرفٍ أو فسادٍ خُلقي وتهوّر وهنا يأتي دور العلم الشرعي والعلماء والمنابر والمساجد والجهات الدعويّة والجمعيات الخيرية.. وكذلك دورٌ عظيم للتعليم ثم هذا الإعلام الذي نراه في بعض قنواته يُفسدُ أكثر مما يُصلح بتسويق الشهوة والفجور ونشر الشبهة والسفور ثم الحذر من وسائل التواصل التي أصبحت بيد الصغير والكبير بلا رقيبٍ ولا حسيبٍ فهي كما رأينا مرتعٌ خصبٌ لنشر ضلال الفكر وسوء الخلق ..
الخطبة الأولى:
الحمد لله؛ دافع البلاء، كاشفِ الضراءِ نحمدُه على الرَّحمةِ والنَّعمَاءِ، ونستغيثُ به لرفعِ الفتنةِ والبلاءِ؛ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له؛ وأشهدُ أنَّ مُحمداً عبدُه ورسوله صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلهِ وأصحابهِ وسلم تسليماً.. أما بعد فاتقوا الله عباد الله والتزموا شرعه تفلحوا..
عِباد الله.. إنَّه زمنُ الفتنِ التي تجعلُ من أَحسنِ العُقُولِ حَائِرةً أَمامَهَا وسَاعيةً في البحثِ عن حُلولٍ لها.. وما أَشبَهَ الليلةَ بالبارحةِ.. فتنٌ تُحيطُ بنا جميعاً، وقلّمَا يسلمُ من أثرِها أحد.. كم عبثت بنا فتنةُ الفرقةِ والاختلافِ حتى ضاعت كثيرٌ من مُقدراتنا، وفشلْنا في عددٍ من أُمورنا وذهبَت ريُحنا؟ !
أيُّ فِتنةٍ أَعظمُ مما نراهُ يحيط بإِخوانِنا المسلمين وهم يُحَارَبون ويقتلون ويفتنون في حُريتهم وحُقوقِهم وأَعراضِهم ودِمائِهم وأموالهم ولا ناصرَ لهم؟ ! وأيُّ فتنةٍ تراد بإفساد الأمن عبر السياسة والظلم والعمالة والخيانة؟ !
ما أَعظمَهَا مِن فِتنةٍ حين يُرادُ حَرْفَ مسيرةِ الدينِ وتوجيهاتِ ربِّ العالمين في القوانين الشرعيةِ وما يَتعلقُ بِالمرأَةِ والتعليم، وتشويهُ الدينِ وأَهلهِ ليسَ من أَعداءِ الإِسلامِ بل من بعضِ أَهلهِ والمتسمين باسمهِ ممن ليس لهم هدف إِلا فتنة الناس عن دينهِم والنيلِ من علمائِهم، وتتبعِ الغربِ، ومُحَاولةِ إِفسادِ المجتمعاتِ تحتَ شتى المسميات..
ثُم إِلى فِتنةِ قَومٍ ضُلّال اِتخذوا مِن التشيّع شِعَاراً وحُبِّ آلِ البيتِ عِنواناً كَما يزعمونَ، ونُصرةِ قَضَايا المسلمينَ مَظهراً لكنَنَا رأَيناهم خِنجَراً في خَاصِرةِ الأُمةِ وسبباً للإفساد كَمَا هُو تَاريخهم الأَسود ومؤامراتهم على مر التاريخ.. رأَيناهُم في لبنان يُثيرونَ الفِتن، وفي سوريا أداة قتلٍ وحقدٍ وفي العراقِ انتقام من السنة، وفي البحرين للفوضى والحوثيون في اليمن ومتطرفون هنا يثيرون الفوضى، أَمَّا دَولتُهم الأُمُّ إِيران فَهيَ مَنبَعُ الفِتَنِ والمؤامرات عَبر التَاريخِ الصفويِّ إِلى الآن، نسألُ الله أن يكفينَا شرَّ فتنتهم..
من الفتن السكوت عن قول الحق ونصرته تشجيعٌ للظلمة والطغاة ونيل من المصلحين وجهاتِ البذل، ومن الفتنة من يتهم النيات والمؤلفات للأحياء والأموات تزلّفاً وفهماً خاطئاً وسلفية يدعونها، من الفتنة من يدّعي وهو خائف مجامل: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾[التوبة: 49]، جبن عن المشاركة فرد الله عليه- ﴿ألا في الفتنة سقطوا(49)﴾.
هذه فتنٌ يرقق بعضها بعضاً، وتدع الحليم حيران.. لكننا مع كل هذه الفتن لم نتصور وقوع فتنةٍ أخرى بُلينا بها وهي وجود أناس في بلاد الحرمين انحرفت عقولهم وتطرّفت آراؤهم وغلوا في تصرفاتهم حتى كفّروا غيرهم ثم استهانوا بدمائهم فقاموا بالإخلال والإفساد والتعدي على رجال الأمن وتكفير من يخالفهم لا يقيمون وزناً لأرضٍ عليها نشأوا وعاشوا وأكلوا من خيرها، ولا يعتبرون رأياً لعالمٍ شرعيٍّ ولا لبيعةٍ لولي أمرٍ حتى بايعوا أناساً مجاهيل لا يعرفونهم ولا يقرون لهم بالولاء والتبعيّة، واستغلوا وسائل التواصل بل والنساء والأطفال لتمرير مخططاتهم الإجرامية.. عياذاً بالله من تصرفاتهم التي تقلق بلادنا كل حين..
إنك لتتساءل أين عقول هؤلاء حين يعتدون على رجل أمن يحفظ لهم ولأهلهم الأمن؟ ! وأين فهمهم حين يكفرون الولاء والعلماء؟ ! كيف ضحوا بوطنهم وأصبحوا يتلقون الأوامر للإفساد عندنا وفي عددٍ من بلاد المسلمين من جهاتٍ متطرفة لا تشك بتبعيتها للأعداء لأن كل أفعالهم تصب في مصلحة من يريد ببلاد المسلمين الشر والفساد والفتنة والعذاب.. في فتنةٍ عظيمة تحيط بشبابنا وتُغرِّرُ بهم، نسأل الله أن يردهم للحق ويكفينا شرهم ..
إنَّهَا جميعاً فتنٌ عبادَ الله.. تحتاجُ مِنا إِلى وقفاتٍ كُبرى، لبيانِ أثرِها والتحذيرِ منها ومن أهلِها.. فِتنٌ بَعضُهَا يَمسُّنا ويُحيطُ بِنا وأُخرى تقعُ في بلادِ المسلمين.. فواجبٌ على كلِّ مُسلمٍ أن يَحذرَ الفتنَ عُموماً، ويكون لَهُ من دينِه وتقواه ما يحميه من شرورِها ولا نجاة من الفتن إلا بالرجوع للشرع وتحكيمه وترك الأهواء المضللة..
أخي المؤمن.. إن نبيَّك -صلى الله عليه وسلم- حذّرَ أمتَّه من الفتن، وبيّن أنَّها ستحدثُ في هذهِ الأُمةِ، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ستكونُ فِتَنٌ القَاعدُ فِيهَا خَيرٌ مِن القَائِمِ، والقَائِمُ فيهَا خيرٌ مِن الماشي، والماشي فِيهَا خيرٌ مِن السَاعي، مَن تَشرّف لها تستشرفه، ومن وجد فِيهَا مَلجَأً أَو مَعاذاً فليعذْ به"(رواه البخاري).
فالمخرج إذاً الحذر من الفتن قدر الاستطاعة.. بمعرفتها أوبتجبنها أو بقولٍ الحق في زمنها فإن من أخطار الفتن أنها قد تُريكَ الحقَ باطلاً والباطلَ حقًا، وقد تُعميكَ وتصمُّك وأنت لا تشعر.
يُقضَى على المرء في أيام محنته *** حتى يرى حسناً ما ليسَ بالحسنِ
وقد أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه ستأتي فتنٌ آخرِ الزمانِ يكثرُ فيها القتل وفتنٌ ومن شدتِها يَمرُّ الرجلُ على القبرِ ويَتمرّغُ عليه ويقولُ: "يا ليتني مكانَك"؛ من شدّةِ ما يَرى من الفتنِ والأُمورِ العظيمة.
ومن أَخطارِهَا ضياعُ الرأَيِّ قال -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يومٌ لا يَدري القاتِلُ لم قَتَلَ ولا المقتول فيم قُتِلَ، فقيل كيف يكونُ ذلك؟ قال يكثرُ الهرج -وهو القتل- والقاتل والمقتول في النارِ ويَتَقَارَبُ اَلزَّمَانُ وَيَنْقُصُ اَلْعَمَلُ، وَيُلْقَى اَلشُّحُّ وَتَظْهَرُ اَلْفِتَنُ"(رواه مسلم). ذكرهُ -صلى الله عليه وسلم- ليحذِّرنا من أن نُشارك في سفكِ تِلكَ الدماءِ أَو أَن نَتَلَطّخَ فيها أو نَلقَى اللهَ بها..
وقد يَستطيلُ من وقعَ في الفتن في الظُلم فَيقتُلُ أَقربَ النَّاسِ إِليه لأنَّهُ يَفقدُ عَقلهُ، وهذا ما رأَيناهُ يَحصلُ مِن فِتنةِ الهرجِ التي حذَّرَ منها -صلى الله عليه وسلم- فقال له بعضُ المسلمين يا رسولَ الله، إنا نقتلُ المشركين الآن فقال: "ليس بِقتلِ المشركينَ، ولكن يَقْتُلُ بَعضُكُم بَعضًا، حتى يَقتُلُ الرجلُ جَارهُ وابنَ عَمِهِ وذَا قَرابته"، فقال بعضُ القوم:يا رسولَ الله، ومعنا عُقُولُنا ذَلكَ اليَوم؟ ! فقال "إِنَّهُ تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُمْ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ، يَحْسَبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى حقٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْء". (أخرجه أحمد وصححه الألباني).
﴿وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 71].. فالنجاة بمعرفة الفتن والفرار من المشاركة بها، وقد بوّب البُخاري في صحيحه"بابٌ من الدين الفرار من الفتن".
أخي المسلم.. مِن الفتنةِ: اِستغلالُ المنصبِ لإيقاعِ الناسِ وتصفيةِ الحساباتِ والوشايةِ بِهم واتهام النيات والمؤلفات والأحياء والأموات كما يفعلهُ البعضُ.. من الفِتنةِ أن يُستغلَّ الإعلامُ أو المنبر أو المسجد أو وسائل التواصل لنشرِ الشائعاتِ عن الأَبرياءِ من الناسِ وكيل التُهَمِ جِزَافاً لهم والتغرير بالناس.. من الفتنةِ نَشرُ رسائلِ التي تَنالُ من الأَشخاصِ وتُشيعُ عنهم بِلا تَثبُتٍ ولا مِصداقيةٍ"كلُّ المسلم على المسلم حرام؛ دمُه ومالُه وعْرضُه".. من الفتنة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدع بالحق ضد الباطل والظلم..
إن موقفَ المسلمِ من الفتنِ، لابد أن يكونَ واضِحَاً بِلا مُجَامَلة فالعودةُ إِلى الدينِ وأصولهِ وإِقامةِ شَرعه، والعدل في الحكم على الناس حِمايةٌ من الفتنِ، وفهمُ العُلماءِ الشرعيين الذين يفقهونَ واقعهم ومَصلحةَ البِلادِ والعِبادِ مَلجـأٌ مِن آثارِ الفتن.. وليس علماء غابوا عن توضيح القضايا للناس!!
ليسَ من السهلِ العبثُ بأمنِ البِلادِ تَحتَ شَتى الدعاوى والاجتهادات، وليسَ مِن الإصلاحِ تغييرُ مَنهجِ المجتمعاتِ وتمسكهِّم وحمايتِهمِ لنسائهمِ من الاختلاطِ وشرورهِ من خِلالِ بَعضِ القَراراتِ.. ليس من حمايةِ الدينِ إثارةُ الفتنِ الطائفيةِ بين شعوبٍ تعايشت مع بعضها عَبر الزمنِ على أَديانٍ متعددةٍ كَما في مِصر وبَعضِ البُلدانِ ثم يأتي من يثيرُ الفِتنَ بينهم ويُلغي التَعايش القَائم وإن كان من الواجب دعوتُهم إِلى الإسلامِ الدينِ الحقِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، ومُجادلتهم بالتي هي أحسن.
كما أَنَّهُ ليسَ من الجهادِ وتحريرِ البُلدانِ: إِزهاقُ الأنفسِ البريئةِ بالفوضى والذهاب لمواطنِ الفتنِ واتباعِ الأَفكارِ المتطرفةِ والغلُوِّ في الدينِ والتفاخر بإراقة دماءٍ لم تشارك بالحرب على أهل الإسلام فهذهِ فتنة.
لقد أخبرَ -صلى الله عليه وسلم- أُمتهُ بِما سيكونُ إلى قيامِ الساعةِ وبِفتنٍ آخرَ الزمانِ أَعظمُهَا فِتنةُ الدجالِ فقال: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً ويُمسي مؤمناً ويصبحُ كافراً يبيعُ دينَه بعَرضٍ من الدنيا" (رواه مسلم).
لقد قُبضَ العِلمُ وقَلَّ العُلماءُ الربانيونَ أهلَ الخشيةِ للهِ والهدايةِ فالعلمُ والقدوة في الخيرِ والصلاحِ والزهدِ والورعِ واتباعِ سُنته -صلى الله عليه وسلم- وخُلفائِه الراشدين.. نسأل الله العافية..
فلقد ظهرت فِتنٌ مِن كُلِّ نَوعٍ وظَهرَ الطعنُ في الإسلامِ والتشكيكُ في الدين مُعلناً في الصحف والقنوات ووسائل الاتصال من عياذاً بالله وتزهيدُ الناسِ بالدين وتحريفه وسَلبِ مَحبتهِ من قلوبِ الناشئين تَصاعدت من فروع الدينِ إلى أُصولِهِ وأَركانِهِ نسأل الله الثبات والسلامة..
وفتن الناس في أخلاقهم وتصرفاتهم سأل حذيفة بن اليمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل بعد الخير الذي جاء به من شر؟ قال "نعم، قال: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال -صلى الله عليه وسلم- نعم وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال قوم يستنَّون بغير سنتي ويهتدون بغيرِ هديي تعرفُ منهم وتُنكر قلت فهل بعدَ ذلك من شر؟ قال: نعم دعاةٌ على أبوابِ جهنم من أجابَهم قذفوه فيها. قلتُ: يا رسولَ الله صفْهم لنا قال:"هم من جلدتِنا ويتكلَّمون بألسنتنا".
لقد ألقي الشحَّ والطمعَ في قلوب العباد.. فمنعت الزكاةُ والنفقاتُ الواجبة وطمعُ الإنسان فيما ليسَ له به حق.. ونقصت الأمانة وأصبحت غريبة.. انظروا لفتنة المال حين يؤخذ من غير وجههِ فالحلالُ عندَ كثيرٍ من الناس ما حلَّ في يدهِ بأيِّ طريقٍ كان.. قال -صلى الله عليه وسلم- "ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرءُ بما أخذَ المال أمنَ الحلال أم من الحرام" (رواه البخاري).
يكسبونَ المالَ بالغشِّ والكذب وبالربا صريحاً أو خداعاً وحيلةً ويكتسبون المالَ بالدعاوي الباطلة فيدّعون ما ليسَ لهم أو يجحدون ما كانَ عليهم أما الرشوة فأصبحت عمولة وهديّة وأمر طبيعياً.. ومن لم يدفع تتعطل معاملاته وهي حرام..
أيُّها المسلمون.. الفتنةُ إذا ثارَت عجزَ الحكماءُ عن إطفاءِ نارِها.. ومن هنا تنشأُ الفتن بين الناس ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [الأنفال: 39]، فإذا لم يكن الدينُ كلُّه لله كانت فتنة وهذا شأنُ الفتن إذا عظُمَت في الأمةِ.. أما حين يسكت الصالحون عن بيانها وإنكارها فإنها ستعمُّ بشرّها الجميع.. والمسلم مأمور بالاستعاذة من فتن المحيا والممات وعذاب النار والمسيح الدجال آخر كل صلاة..
أيها المسلمون.. إنها فتن كقطع الليل المظلم فاجتنبوها، فإنِّها إذا ظهَرت عمَّت المجتمعَ كلَّه وأصابت الصالحَ والفاسد ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25].
واحذروا الفتن ما ظهرَ منها وما بطن، احذروا فتنةَ القولِ وفتنةَ العملِ وفتنة العقيدةِ والآراءِ الهدامةِ والمشاهداتِ السيئةِ فإنَّ ذلك كُلَّه يصدَّكم عن دينِكم ويوجبُ هلاككم (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 1- 3].. أقول ما تسمعون.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، لا مانعَ لما أعطاه، ولا رادَّ لما قضاه، أحمدُه سبحانه وأشكُرُه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله، وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن والاه..
أما بعد عباد الله.. إن هذه الفتن التي تحيط بشبابنا سواء كانت بالغلو والتطرف والانتماء للجماعات الضالة، أو كذلك على النقيض بفتنة فساد الأخلاق والشذوذ وحب الفوضى والتعصب.. كما أنها تحتاج لقبضةٍ أمنيةٍ قويّةٍ تردعها فهي أيضاً ظاهرة بحاجة إلى دراسة تفصيلية تعالجها.. فكيف غُسلت أدمغةُ هؤلاء الشباب ليصلون إلى ما وصلوا إليه من تكفيرٍ وتطرفٍ أو فسادٍ خُلقي وتهوّر وهنا يأتي دور العلم الشرعي والعلماء والمنابر والمساجد والجهات الدعويّة والجمعيات الخيرية..
وكذلك دورٌ عظيم للتعليم ثم هذا الإعلام الذي نراه في بعض قنواته يُفسدُ أكثر مما يُصلح بتسويق الشهوة والفجور ونشر الشبهة والسفور ثم الحذر من وسائل التواصل التي أصبحت بيد الصغير والكبير بلا رقيبٍ ولا حسيبٍ فهي كما رأينا مرتعٌ خصبٌ لنشر ضلال الفكر وسوء الخلق ..
نسأل الله السلامة والعافية وأن يحمي أسرنا وأولادنا من كل سوء.. وإن استبشار الناس بقرارات اتخذها ولي الأمر وفقه الله هي بداية خير وتوفيق بإذن الله، فنسأل الله أن يبارك بهذه القرارات وينفع بالتعيينات ويوفق ولي العهد وولي ولي العهد والوزراء الجدد للقيام بمسؤولياتهم على وجهها مما فيه مصلحة البلاد والعباد..
اللهم نجنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم أرِنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم أدم علينا نعمة الاستقرار والأمان والإيمان على بلدنا هذا خاصة وسائر بلاد المسلمين..
اللهم اكفنا شر من يريدون العبث بأمننا وديننا، وفكر شبابنا واجمع كلمتنا على الحق.. اللهم واكتب الأمن والاستقرار لإخواننا في جميع بلاد المسلمين.. ارزقهم البطانة الصالحة، وجنبهم بطانة السوء، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين..