أفكار في الدعوة إلى الله

سليمان بن حمد العودة

عناصر الخطبة

  1. قيمة الدعوة وفضل الدعاة
  2. تجريد الدعوة وإخلاص الدعاة
  3. تاريخ الدعوة
  4. أمد الدعوة وأثرها
  5. لا يأس ولا إحباط
  6. للدعوة تكاليف
  7. لا ينبغي أن ترتبط الدعوة بالأشخاص أو تحد بمناهج ضيقة
  8. التميز في الدعوة قديم
  9. من وسائل الدعوة

الحمد لله رب العالمين جعل الدعوة إلى الله سبيل الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون، واشهد أن محمداً عبده ورسوله، خاتم الأنبياء وقدوة الدعاة والمسلحين، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن أصحابه أجمعين والتابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء:1].﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].

إخوة الإسلام: الحديث عن الدعوة حديث عن دين الله، والحديث عن الدعاة المخلصين حديث عن الصفوة من عباد الله، لئن كان الحديث عن الدعوة والدعاة يطول ويتشعب وهو بمجمله نافع ومفيد، إلا أنني سأقصر الحديث هنا على أمور، منها:

أولاً: قيمة الدعوة وفضل الدعاة، وفي هذا يحكم الحق تبارك وتعالى أن لا أحد أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت:33].

الدعوة إلى الله سبيل الأنبياء عليهم السلام، وطريق المؤمنين التابعين يعني لهم إلى يوم الدين: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ [يوسف: 108].

وعن فضل الدعوة والدعاة قال عليه الصلاة والسلام: "من دعا إلى هدى كان له من الأجل مثل أجر من تبعه -إلى يوم القيامة- لا ينقص من أجورهم شيئاً".وفي الحديث الآخر: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم".

ثانياً: تجريد الدعوة وإخلاص الدعاة… فلا ينبغي أن تقوم الدعوة لأغراض شخصية أو مطامع دنيوية، ولا يليق بالدعاة أن يأكلوا بدعوتهم، أو يخادعوا الناس في حقيقتهم وواقع أمرهم، أو يتكلفوا ما لم يأذن به الله، وفي التنزيل: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [صّ:86]، ﴿اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [يّس:21]، وإذا لم يخش أولئك المتزيدون بالدعوة الفضيحة في الدنيا، فليتذكروا الفضيحة الكبرى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

ثالثاً: تاريخ الدعوة، إن تاريخ الدعوة إلى الخير والقسط قديمة قدم الزمان، ومصاحبة للأمم الخوالي، وقام بها الأنبياء عليهم السلام مع أممهم من نوح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: 24]، استحقت أن يقتل لها الأنبياء، ويقتل أتباعهم أو يعذبوا، وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى حاكياً نموذجاً من نماذج الدعوة والإيذاء. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ(22)﴾ [آل عمران: 21-22].

روى أبو عبيدة بن الجراح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار إلى ساعة واحدة، فقام مئة رجل واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، فقتلوا جميعاً في آخر النهار من ذلك اليوم، وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية".

وما أسوأ المجتمع إذا تحول إلى هذا النموذج السيئ ولذا روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، بئس القوم قوم يمشي المؤمن بينهم بالتقية".

والقرآن يحذر من هذه النماذج حين عرضها، ويحذر من الرضى عن أصحابها، وإن لم يفعلوا كفعلهم، ولهذا وقف القرطبي عند هذه الآية – بعد أن ساق النصوص السابقة متسائلاً، فإن قال قائل: الذين وعظوا بهذا لم يقتلوا نبياً. فالجواب عن هذا: انهم رضوا فعل من قتل فكانوا بمنزلته.

رابعاً: أمد الدعوة وأثرها… وعلى الدعاة ألا يحددوا زمناً لأثر دعوتهم، فأمد الدعوة قد يطول، وآثارها قد لا تظهر إلا بعد حين، وحسب الدعاة أن يتسلوا بقوله تعالى عن نوح عليه السلام: ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً﴾ [العنكبوت: 14].وفي هذه القرون المتطاولة من أول الرسل عليه السلام كانت الدعوة مستمرة ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية.

خامساً: لا يأس ولا إحباط… ومهما طال أمد الدعوة أو قل الاستماع للدعاة، فلا ينبغي أن يحبطوا أو ييأسوا، وكيف يحبط الدعاة أو ييأسون وقد قيل للمرسلين قبلهم: ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغ﴾ [الشورى: 48] وقيل: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاء﴾ [القصص: 56]، وكيف يحبطون لقلة الأتباع وقد قيل لأحد المرسلين: ﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [هود: 40].وفي الحديث يأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد.

سادساً: وللدعوة تكاليف، وعلى الدعاة أن يتحملوا الأذى في سبيل الله، وألا يجعلوا فتنة الناس كعذاب الله. وسنة الله في الابتلاء جارية: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت:3].

سابعاً: والصبر زاد الدعوة، وهو طريق لتمكين الدعاة: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان: 17]، ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: 28].﴿وجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة:24].

ثامناً: وهناك أدواء مهلكة وعلى الدعاة أن يحذروها كالعجب والرياء، والطمع في السيادة والرئاسة، والحسد والغرور، ونحوها.

تاسعاً: ولا ينبغي أن ترتبط الدعوة بالأشخاص أو تحد بمناهج ضيقة، فالأشخاص يذهبون ويجيئون، والمناهج يطرأ عليها التغيير، وهي الأشخاص عرضة للخطأ، وينبغي أ، يكون المعول في الدعوة على هدى الكتاب والسنة، وينبغي أن يتخذ من منهج الأنبياء عليهم السلام طريقاً في الدعوة، ومن قال الله عنهم: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: 90].

عاشراً: وإذا كان الجوهر ثميناً فينبغي أن يكون الوعاء الحامل له نظيفاً سليماً، وكذلك الدعوة، ينبغي أن تحمل للناس وتؤدى بالحكمة والموعظة الحسنة، امتثالاً لقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن﴾ [النحل: 125]، وليحذر من الغلظة والشدة والفظاظة: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: 159]، وما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.

حادي عشر: والدعوة تكون بحق، وقد تكون بباطل، وكما يوجد دعاة إلى الحق، فثمة دعاة للباطل، فهناك دعاة لملل غير الإسلام، هناك دعاة لنحل باطلة -وإن انتسب أصحابها إلى الإسلام- وهناك منافقون يتسترون بالإسلام، ويخفون الكفر والإلحاد، وهناك مبتدعة تختلف مشاربهم وتلتقي أهدافهم لمحاربة الإسلام والسنة، وخاب وخسر من كان في منظومة الدعاة على أبوب جهنم، والمصيبة حين ينشط هؤلاء المبطلون، ويصاب أهل الحق والسنة بالضعف أو الهوان، أو يدعم أولئك، ويضيق على هؤلاء.

ثاني عشر: والتميز بين أصحاب الحق والباطل قديم في الأمم، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".

ثالث عشر: ولذا فمن أهداف الدعوة ومسؤولية الدعاة تعليم الجاهل، وتذكير الغافل، والحوار مع الشاك والمتردد، ينشر بالدعوة الخير، ويقام العدل، ويحاصر الباطل، وتصحح المفاهيم الخاطئة، ويكشف زيف المبطلين، تنشر بها أعلام السنة، وتقمع البدع، ويحذر من أصحاب الشهوات والأهواء، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [الشورى:15]. نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة رسوله، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.

الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين.

وعن وسائل الدعوة يقال كلام كثير، ويقترح سائل نافعة بإذن الله، كالمحاضرة والدرس والندوة والموعظة الحسنة، وتوزيع الكتاب، والشريط والمطرية النافعة، والدعوة عبر الرسالة والمراسلة، وفي محيط الأسرة، والجيران، وبين زملاء العمل والدراسة وأصدقاء العمر، وفي المناسبات العامة، وداخل المدن أو في القرى والمناطق النائية، وعبر الكتابة في وسائل الإعلام، أو البرامج المذاعة، وفي التجمعات الشبابية، أو دور الرعاية، وأماكن الإصلاحيات والسجون، والاستفادة من إمكانات الحاسب ومواقع الانترنت، وداخل أروقة المستشفيات، وغرف المرضى، وفي الفنادق والاستراحات المؤجرة، واستثمار الأوقاف الخيرة العامة في الدعوة إلى الله… إلى غير ذلك من الوسائل التي قاربت المئة وسيلة عند بعض المعنيين برصد الوسائل الدعوية، وقد يزيدها آخرون.

وفوق ذلك كله فهناك وسائل دعوية قد يغفل عنها مع يسرها، وعدم الكلفة فيها، والاقتدار عليها، وحين يكون الحديث عن وسائل الدعوة لا بد من الإشارة إلى أهمية التجديد في وسائلها بشكل عام، ولا بد من القناعة أن ما صلح لزمن قد لا يكون بالضرورة هو الأصلح لزمان أو مكان آخرين، فحسن تعامل الموظف مع المراجعين، وتيسير أمورهم أسلوب من أساليب الدعوة – إذا أحسن الموظف تقديمه وتوظيفه، والسماحة في البيع والشراء، والنصح وعدم الغش أو المغالاة في السعر أسلوب في الدعوة يملك به الباعة قلوب المشترين، لا سيما إذا قدموه على أنه جزء من تعاليم الإسلام وهديه.

والمعلم المخلص في رسالته التعليمية، والمدرك لدوره التربوي، والمنصف لطلابه، والمتأدب الخلوق مع زملائه، هو أحد الدعاة إلى الله -وإن لم يتسم بذلك فلا عبرة بالمسميات- ولكنها الوسائل النافعة ورصيد الأخلاقيات. والمرأة المحتشمة في لباسها، والهادية في طبعها، وتعاملها، والمبتسمة في وجه صويحباتها، والمعرضة عن ما لا يعنيها والداعية للخير بسلوكياتها، هذه تعمل عملها، وربما فاق أثرها حديثاً نظرياً طويلاً.

يا أيها المقتدر على حاجة من حوائج المسلمين: ولربما كان في قضائك لأحدهم حاجة أثر في قبول صاحب الحاجة للخير، وانصرافه عن شر هو واقع فيه، ولربما كانت هذه منك إليه رسالة وأنت لا تدري، ما لم يكن في تقديم هذه الحاجة محظور.

أيها المسؤول: وأنت في موقع مسؤوليتك مهما صغرت أو كبرت تستطيع أن تقدم الخير، وتدعو إلى دين الله من خلال فرص الخير التي أقدرك الله عليها، وأنت أدرى الناس بها، لا سيما إذالم يكن كرسي المسؤولية هدفك، والتعالي على الناس غروراً لحق بك، والمطامع الشخصية هي المحركة لتصرفاتك.

أيها المسلمون: وكم نغفل -أساليب الدعوة إلى دين الله- عن إسعاف مريض، أو نقل مصاب، أو إعانة متعطل في البراري أو الطرق السريعة -وقد يكون أحوج ما يكون لمساعدتك ووقوفك إلى جانبه- ومواقف المعروف والإحسان تبلغ –أحياناً- مبلغها، وتؤثر أثرها في الآخرين، وقد نشعر بذلك وقد لا نشعر… إلى غير ذلكم من وسائل قد لا نقدرها حتى قدرها، وقد تبلغ في آثارها مبلغاً عظيماً، والمهم أن تقدر كل موقف، وتحتسب على الله كل حركة، وتخلص النية وتحسن القصد، وتوظف ذلك في الدعوة لدين الله، وقد كان المعلم الأول صلى الله عليه وسلم يحتسب في نظرته وابتسامته ومزاحه، فضلاً عن جده وأمره ونهيه،ولكم في رسول الله أسوة حسنة.

إن من الخطأ -معاشر المسلمين- أن نقصر الدعوة على وسائل محددة، أو نخص بها صنفاً من الناس، لا نجاوزها إلى غيرهم، ففي ذلك غمط لحقوق الآخرين، وتحجير لواسع.

وإذا عدت وسائل الدعوة فينبغي أن تشمل كل جهد خير نفع الله بجهد صاحبه الإسلام والمسلمين. وينبغي أن يتسع مفهوم الدعاة لكل داعية إلى الخير، مهما كان موقعه وأياً كانت وسيلته، ما دامت في إطار الشرع الحنيف، ولربما غاب عن أنظار الناس أشعث أغبر، لو أقسم على الله لأبره، ولكنه معدود عند الله في طليعة الذين يأمرون بالقسط من الناس، وكم في ميدان الدعوة من جنود مجهولين وهم من الأخفياء الأتقياء.

أيها المؤمنون: وأنتم مدعوون جميعاً لتكونوا من أنصار الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ ﴾ [الصف: 14]، وبالإيمان والعمل الصالح يتحقق لكم الخير، وبالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف تكونون من المفلحين.  

 


تم تحميل المحتوى من موقع