عناصر الخطبة
الحمد لله …
يقولون: فلان نام! وفلان توفي! وفلان مات!.
والحقيقة أن النوم موت، والوفاة والموت نوم، فالنائم متوفَّى ميتٌ موتٌ أصغر، والميت نائم نوم أكبر، هذا يقظته وبعثته في الدنيا ليكمل أجله، وذاك انتباهته وصحوته يوم القيامة للحساب والجزاء، قال سبحانه: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الزمر: 42].
فالحمد لله الذي كتبَ على الخلق الفناء، فقال: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ [الرحمن: 26].
وقدَّر على الأشياء الهلاك، فقال: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: 88].
خلق الخلق لأجَلٍ: ﴿فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34].
الناس في لذاتهم يتلذذون، فيأتهم هادم اللذات "الموت" فيقطع لذاتهم.
الناس في شهواتهم يستمتعون، فيفجؤهم الموت: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ [سبأ: 54].
الناس يجتمعون جماعاتٍ جماعات، في أسر وقبائل وعائلات، فجاءهم "مفرق الجماعات".
يقتحم البيوت دون استئذان، ويدخل الدور، فتعجُّ بالصراخ والعويل والأحزان، ينتزع الأرواح، فتتحول الأشخاص إلى جثث وأشباح.
لا يفرق بين كبيرٍ وصغير، أو ذكر وأنثى، أو رئيس وملك، أو أمير ووزير، لا يفرق بين إنسان أو حيوان، أو مَلَكٍ أو جان، ف ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ(27)﴾ [الرحمن: 26 – 27].
لا خلود لبشر مهما علا قدره ومكانته عند الله -سبحانه-، حتى الرسل والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ(35)﴾ [الأنبياء: 34 – 35].
ف ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185].
وأحبُّ الخلق إلى الله -تعالى- نبيُّنا ورسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- قد مات: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ(145)﴾ [آل عمران: 144- 145].
والمسئول عن هذا العمل والقائمُ به؛ جنديٌّ من جنود الله، وملَك من ملائكةِ الله، هو ملك الموت: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: 11].
ومعه مساعدوه ومعاونوه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: 61].
وتتم عملية قبض أرواح العصاة والكفار بجَلَبَةٍ لا يشعر بها الأحياء، وضَرْبٍ لا يحسُّ به الأحِبَّاء؛ خَبْطٌ وضَرْبٌ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ [محمد: 27].
لماذا هذا؟!
﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 28].
أخي في الله: ليتك ينكشف عنك الغطاء، ويُزال عن عينيك الغشاء، لترى ما يحدث للمحتضرين الظلمة؟! ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الأنعام: 94].
يصاحب قبضَ الروح وانتزاعَها آلامٌ وأوجاع، وعذابٌ وهوان، يصل إلى حدِّ الغيبوبة والسكر: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: 19].
تنزع الروح وتسحب النفس: "وإذا بالألم يسري في جميع أجزائه؛ في كل عرق وعصبٍ، -وعضو- ومفصل؛ من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين.
وقد قيل: "إن الموت أشدُّ من ضربٍ بالسيوف، ونشرٍ بالمناشير، وقرضٍ بالمقاريض ([1]).
ولما احتضر النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل يديه في ماء يمسح بهما وجهه، ويقول: "لا إله إلا الله؛ إن للموت لسكرات ([2])".]
المحتضر؛ هل يتمنى الهروبَ والفرار؟ هل يقول: "أين المفر؟" لا مفرَّ ولا مهرب، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: 78].
﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الأحزاب: 16].
هل تعلم أنك في فرارك وهروبك تسارع في قربك من الموت؟!
لأنك تفرُّ إليه: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجمعة: 8].
وبعد الموت إلى آخر منازل الدنيا، وأولِ منازل الآخرة، إلى القبور، إلى بيوت الوحشة والدود، يسكنها العظيم من الناس والحقير، والغني والفقير:
أتيت القبور فساءلتها *** أين المعظم والمحتقر؟
وأين المذِلُّ بسلطانه؟ **؟* وأين القويُّ على ما قَدر؟
تفانوا جميعا فما مخبرٌ *** وماتوا جميعا ومات الخبر
فيا سائلي عن أناس قد مضوا *** أما لك فيما مضى معتبر؟
تروح وتغدو بذاك الثرى *** وتُمحى محاسن تلك الصور
إن الموتَ أعظمُ واعظ وأبلغُ زاجر؛ قال عمار بن ياسر: "كفى بالموت واعظا" ([3].
وقد أوصى صلى الله عليه وسلم بالإكثار من ذكره، فلما: "مر بمجلس وهم يضحكون، فقال: "أكثروا من ذكر هاذم اللذات" أحسبه قال: "فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه" [رواه البزار بإسناد حسن، والبيهقي باختصار عن أنس -رضي الله عنه-، صحيح الترغيب (3334)].
وذكر الموت لو تركه العبد لتغير قلبه، ولذا قال عمر بن عبد العزيز: "لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لفسد".
وما وعَظَ المرءُ نفسه بأعظم من ذكر الموت؛ قال الحسن البصري -رحمه الله-: "فضح الموتُ الدنيا لم يتركْ لذي لبٍّ فرحا".
وقال مطرف بن عبد الله: "إن الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيما لا موت فيه".
فيا عبد الله: تفكر في القبر وساكنه؛ إنك لو رأيت الميت في قبره بعد ثلاث لاستوحشت منه بعد طول الأنس به؛ ولرأيت بيتاً تجول فيه الهوام؛ ويجري فيه الصديد؛ وتخترقه الديدان؛ مع تغير الريح وتقطع الأكفان؛ وكان ذلك بعد حُسن الهيئة، وطيب الريح، ونقاء الثوب، والقبر ينادي: "ألا تسألني ما صنعت بالأحبَّة؟!
خرَّقتُ الأكفان؛ ومزقتُ الأبدان؛ ومصصت الدم؛ وأكلت اللحم.
ألا تسألني ما صنعت بالأوصال -والأعضاء-؟ نزعت الكفين من الذراعين، والذراعين من العضدين، والعضدين من الكتفين، والوركين من الفخذين، والفخذين من الركبتين؛ والساقين من القدمين.
بكى عمر بن عبد العزيز، وقال: "ألا إن الدنيا بقاؤها قليل، وعزيزها ذليل، وغنيها فقير، شبابها يهرم، وحيها يموت؛ فلا يغرنكم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها"([4])
وقال الحسن: "ابن آدم؛ إنك تموت وحدك، وتُبعث وحدك، وتحاسب وحدك؛ ابنَ آدم: لو أن الناسَ كلَّهم أطاعوا الله وعصيت أنت؛ لم تنفعك طاعتهم، ولو عصوا الله وأطعت أنت؛ لم تضرك معصيتهم.
ابنَ آدم: ذنبك.. ذنبك؛ فإنما هو لحمُك ودمُك، فإن سلِمْتَ من ذنبك؛ سلمَ لك لحمك ودمُك، وإن تكن الأخرى؛ فإنما هي نارٌ لا تُطفأ؛ وجسم لا يَبلى؛ ونفس لا تموت" ([5])
وحدثتْك الليالي أن شيمتَها *** تفريقُ ماجمعته فاسمع الخبرا
وكن على حذرٍ منها فقد نصحَتْ *** وانظر إليها ترى الآياتِ والعبرا
فهل رأيت جديداً لم يَعُد خَلِقاً؟ *** وهل سمعت بصفوٍ لم يَعُد كدرا؟
فحريُّ بالعبد حين يوقن بأنه راحل عن هذه الدنيا أن يستعد لرحيله، ويتزودَ من الزاد الذي يبلغه إلى حيث النجاة والسلامة.
وقد نصحنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وأخلص في النصيحة لمعرفته بما ينتظرنا من أهوال، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: "إِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ" ([6]).
ومن تأمَّلَ أحوال الماضين وكلامَهم حين منازعة الروح في حال الاحتضار؛ كان ذلك أعظمَ واعظٍ له، فقد بلَّغوا الوصية بأصدق لهجة، ووصفوا حالَهم بأتمِّ بيان وأجزلِه؛ لمّا عاينوا الحقيقة.
لما حضرت معاوية بن أبي سفيان الوفاةُ، قال: "أقعدوني" فأُقعد، فجعل يسبح الله -تعالى- ويذكره، ثم بكى، وقال: "تَذْكُر ربك يا معاوية بعد الهرم والانحطاطِ؟ ألا كان هذا وغض الشباب نَضِرٌ ريان؟" وبكى حتى علا بكاؤه؛ وقال: "يا رب! ارحم الشيخ العاصي؛ ذا القلب القاسي، اللهم أَقِلْ العثرةَ؛ واغفر الزلة، وجُد بحلمك على من لا يرجو غيرَك، ولا يثق بأحد سواك" ([7].
وقال عبد الملك بن مروان في مرض موته: "ارفعوني" فرفعوه حتى شم الهواء، وقال: "يا دنيا! ما أطيبك؛ إن طويلَك لقصير؛ وإن كثيرَك لحقير، وإنْ كنَّا بك لفي غرور" وقيل له: كيف تجدك؟ قال: "أجدني كما قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ) [الأنعام: 94].
وقال بعضهم: "دخلنا على عطاء السلمي نعوده في مرضه الذي مات فيه، فقلنا له: كيف ترى حالك؟ فقال: "الموت في عنقي؛ والقبرُ بين يدي، والقيامة موقفي؛ وجسر جهنم طريقي، ولا أدري ما يفعل بي؛ ثم بكى بكاءً شديداً حتى غُشِيَ عليه، فلما أفاق قال: اللهم ارحمني؛ وارحم وحشتي في القبر، ومصرعي عند الموت، وارحم مقامي بين يديك يا أرحم الراحمين" ([9]).
فيا عبد الله: إنْ كان هذا هو حال الأتقياء البررة؛ فكيف بحال المسرفين على أنفسهم أمثالنا؛ وقد كثرت ذنوبنا، وقل زادنا مع بعد السفرْ.
هل أعددنا لأنفسنا زاداً يبلغنا الغاية؛ أم لا نزال بالتسويف والأمنيات حتى يبغتنا الأجل؟
إن الكيِّس الفطن من أعد لسفره عدته؛ وجهز لرحيله مؤنته؛ ثم بعد ذلك يرجو رحمة الله وعفوه ومغفرته.
كلنا سنرحل عن هذه الدنيا؛ ولكن هل عملنا لما بعد الموت؟!
كل الناس يغدو فبائع نفسه فموبقها أو معتقها.
﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ(30)﴾ [القيامة: 26- 30].
نسأل الله أن يرحمنا برحمته؛ وأن يغفر ذنوبنا، ويستر عيوبنا؛ ويرحم مقامنا يومئذٍ بين يديه.
واعلموا -عباد الله- أن أهل النار في الآخرة يتمنون الموت، رغم معرفتهم وعلمهم بشدته وكربته؛ وما ذاك إلاَّ لما يعاينوه من ألام، ويكابدوه من من شقاء وعناء: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ(17)﴾ [إبراهيم: 15- 17].
أما أهل الجنة –نسأل الله تعالى أن نكون من أهلها-؛ فلا يتمنون موتا فيها، ولا خروجا منها: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) [الدخان: 51- 59].
رَبَّنَا أعنّا ولا تُعِنْ عَلَينا، وانصُرْنا ولا تَنْصُرْ عَلَينا، وامكُرْ لنا ولا تَمْكُرْ عَلَينا، واهدنا ويَسِّر الهُدَى إلينا، وانصرنا على من بَغَى عَلَينا.
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، مُجْرِىَ السَّحَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، هَازِمَ الأَحْزَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ.
اللّهُمّ انْصُرْنا عَلَى مَنْ يَظْلِمُنا، وخُذْ مِنْهُ بِثَأْرِنا.
اللهم انصرنا على عدونا، وأرنا فيه ثأرنا.
اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، ولا يؤمنون بوَعْدِكَ، اللَّهُمَّ خالِفْ بين كلمتهم، وأَلْقِ في قلوبِهِمُ الرعبَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ إِلَهَ الْحَقِّ، اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ.
اللَّهُمَّ إنا نعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء.
اللَّهُمَّ إنا نعُوذُ بِكَ أنْ نمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرين.