عناصر الخطبة
الحمد لله القائلُ: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ﴾ [النازعات:34]، وأنزل على رسوله سورة الواقعة، وأشهد أن لا إله إلا الله، حذر من يوم الصاخة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خير من أنزل عليه سورة القارعة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ممن استعدوا ليوم الحاقة.
أما بعد: فاتقوا يوم الغاشية، واستعدوا لتسعدوا في جنان عالية، المنازل الغالية، اتقوه بالسر والعلانية.
إخوة الإسلام: من القواعد المقرَّرة أن كثرة المسميات للمسمى يدل على شرفه وفضله وعلو درجته ومنزلته، وأهميته وعظم شأنه، وكل ما عظُم شأنه تعددت صفاته وكثرت أسمائه وتنوعت أوصافه، وهذا كان معروفًا عند العرب، ألا ترى أن السيف عندما عظم عندهم موضعه، وتأكد نفعه، وظهر موقعه، جمعوا له خمسمائة اسم، وأنظر على سبيل المثال، أسماء الكبير المتعال، وكذا رسوله المفضال، تعددت له الأسماء وصفات الأفعال، وكم من قرآن من الأسماء والبيان بل الفاتحة كم لها من الأسماء والتبيان.
ومن هذا ما نحن بصدده والحديث عنه، وعدد من هو الحديث عنه وعدده، القيامة، وما أدراك ما القيامة، وأسمائها وصفاتها كثيرة لكن نقتصر على ما جاء به القرآن، من أبرزها وأشهرها وإن كانت متباينة الألفاظ، إلا أنها مترادفة المعنى فهي أسماء لمسمى واحد.
فالقيامة لما عظُم أمرها، وكثُرت أهوالها، واشتدَّ خَطْبُها، سمَّاها الله في كتابه بأسماء عديدة، ووصفها بأوصاف كثيرة؛ تحذيرًا وإنذاراً، تنبيهًا وإعذاراً، ففي هذه العجالة نذكر ذلك باختصار وإيجاز، ولأهمية ذلك جاء ذكر اليوم الآخر في القرآن في ستة وعشرين آية، والمراد يوم القيامة، وسُمِّي آخر؛ لأنه لا يوم بعده، وآخر يوم من أيام الدنيا، فعليه وجب الاستعداد ليوم الميعاد، كما يقال للإنسان: هذا آخر وقت لك، أو آخر يوم لك، فيبقى مستعدًا متهيئًا.
ولهذا جاء اسم الآخرة في القرآن، مائة وأربعين آية، قال ابن كثير: "وهو مستلزم الاستعداد لها من الأعمال الصالحة وترك المحرمات ومن أسمائها وصفاتها يوم الآزفة"، ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ ﴾ [غافر:18]، والآزفة: مأخوذة من اقترب، وكل شيءٍ اقترب فقد أزف، فالآزفة لقربها وإن استبعد الناس مداها ووقتها، فأزفت: دانت واقتربت، قد قال سبحانه: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ [القمر:1]، ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ [الأنبياء:1]، ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل:1]، ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر:18]، كل ذلك لتحقق وقوعها، وقربها، وكذا يوم البعث والمراد بعث الناس وقيامهم من قبورهم.
والرابع من الأسماء -أيها الإخوة الأوفياء-: يوم التغابن، وسمي بذلك لأنه يوم يغبن فيه المؤمنون الكفار، يغبنونهم بدخول الجنة والنعيم المقيم، وللكفار النار وبئس المصير ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن:9]، فيوم القيامة ينقسم الناس فيه إلى غابن ومغبون، سُئل بعضهم عن يوم التغابن فقال: تبدو الأشياء لهم بخلاف مقاديرهم في الدنيا.
ومن الأسماء: يوم التلاق ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ﴾ [غافر:15]، أي يومٌ يلتقي أهل السماء وأهل الأرض، وأن كل عامل سيلقى عمله من خير أو شر فيلتقي الظالم والمظلوم، والخاصم والمخصوم، وتؤدى فيه حقوق، ويوم التلاق يلتقي الخالق بالمخلوق، والمخلوق بالمخلوق، وأما كلًا يلاقي جزاء عمله، قال سبحانه: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف:110]، وقال جل ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ﴾ [الانشقاق:6].
والسادس من الأسماء أيها الآباء والأبناء: يوم التناد ﴿وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ﴾ [غافر:32]، وسُمي بذلك لأجل ما يحصل فيه من التناد بين أهله، فينادي أهل الجنة أهل النار ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا﴾ [الأعراف:44]، وينادي أهل النار أهل الجنة ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ﴾ [الأعراف:50]، وينادي ﴿أَصْحَابُ الأَعْرَافِ﴾ [الأعراف:48] أهل الجنة وأهل النار، و﴿يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [ق:41]، وينادي بعضهم بعض بالويل والزبور، وينادي العباد إلى أرض المحشر.
ومن الأسماء أيها الجمع: أنه يوم الجمع ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى:7]، وهو يوم يجمع الله الأولين والآخرين وأهل السموات والأرضين في صعيد واحد ومكان واحد، وقيل يوم يجمع الله بين كل عبد وعمله.
ومنها أيها المسلمون: أنه يوم الحساب ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [ص:53]، وهو ظاهر المعنى لأن المولى يحاسب فيه عباده، وأن كلًّا سوف يُجازى بعمله ويحاسَب على فعله؛ إذ أعماله مكتوبة، وأفعاله وأقواله مسطورة، وحركاته محسوبة، أحصاه الله ونسوه، فيوم الحساب يوم الجزاء والثواب، والعطاء والعقاب، فالموفق من حاسب نفسه قبل أن يحاسب، وراقب ربه قبل غلق الباب.
ومنها أيها المسلم والمسلمة: أنه يوم الحاقة ﴿الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ(3)﴾ [الحاقة 1-3]، سُميت بذلك؛ لأنها أحقت لأقوام من الجنة، وأحقت لأقوم من النار، ولأنها يصير كل إنسان حقيقًا بجزاء عمله وكسبه، وفيها حقيقة البعث والجزاء، والمنع والعطاء، ولأن فيها حواق الأمور، وينكشف الغطاء والمستور.
ومنها أيها الإخوة: أنه يوم الحسرة ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [مريم:39]، وهو يومٌ رؤية الأعمال وانقسام الأحوال، ومنه ذبح الموت حين يذبح بين الجنة والنار، ونهاية المقام، وسمي يوم الحسرة لأن كلًا لا بد له من ندامة وحسرة، فالمؤمنون يتحسرون على ما فاتهم من الزيادة في المسابقة والدرجات العالية، والكفار يتحسرون على كفرهم وضلالهم، وبئست الحسرة والندامة، وما من أحدٍ يموت إلا ويندم ولات حين مندم، إن كان محسنًا، ندم على عدم الزيادة والتقصير والمجاهدة، وإن كان مسيئًا ندم على التفريط والإهمال والإضاعة.
والحادي عشر من الأسماء أيها البشر: يوم الخلود، جعلكم الله في جنات الخلود، جعلكم الله ووالديكم وأزواجكم وأولادكم والمسلمين في جنات الخلود، قال الرحيم الودود: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ [ق:34]، ويوم الخلود يومٌ لا زوال فيه، ولا موت بعده، يوم الخلود: يوم خلود أهل الجنة في الجنة، وخلود أهل النار في النار، قال قتادة: خلدوا والله فلا يموتون، وأقاموا فلا يظعنون، ونعموا فلا يبأسون، ويوم خلود للكفار والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أبدًا، فالمؤمنون خالدون في النعيم المقيم، والكفار خالدون في العذاب الجحيم.
والثاني عشر أسعدكم المولى يوم المحشر: يوم الخروج ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ [ق:42]، فهو يوم يخرجون إلى البعث من القبور، ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ [الزلزلة:6]، ﴿أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ﴾ [العاديات:9]، فيخرجون للمجازاة والمحاسبة، والعرض والمناقشة، نسأل الله حسن الخاتمة.
والثالث عشر من الأسماء والأوصاف، والتحف والألطاف: يوم الدين، وقد جاء ذكر الدين في القرآن المتين، ثلاثة عشرة آية، وأنت تقرأها في كل ركعة ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة:4]، والمقصود أن يوم الدين هو يوم القيامة يدين الله به الخلائق ويحاسبهم ويجازيهم، ويناقشهم ويثيبهم ويعاقبهم إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
ومنها الساعة، وقد جاء ذكرها في القرآن في خمس وثلاثين آية، وسمي بذلك لأنه وقت وقته الله لعباده لا يستأخرون عنه ولا يستقدمون، ولسرعة المحاسبة وفيه يُسألون، ويقال للساعة الكبرى، وهي بعض الأجسام من قبور الموتى، وللقيام بين يدي الله -جل وعلا-، وأما الساعة الصغرى: فساعة كل إنسان موته، وقد جمع الله بينهما في قوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ [الروم:55]، ومثله القيامة، فالقيامة قيامتان:
القيامة الكبرى: وهي القيام لرب العالمين، ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين:6]، فهو أكثر الأسماء في القرآن المبين، وقد جاء ذكره في حدود السبعين.
وأما القيامة الصغرى: فهي موت الإنسان ونهاية أجله من الدنيا، وقد اجتمعا في قول الناظم:
خرجت من الدنيا وقامت قيامتي *** غداة أقل الحاملون جنازتي
وعجل أهلي حفر قبري وصيروا *** خروجي وتعجيلي إليه كرامتي
كأنهم لم يعرفوا قط سيرتي *** غداة أتى يومي على وساعتي
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، استغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ومن الأسماء: الصاخة، قال سبحانه: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ﴾ [عبس:33]، سُميت بذلك لأنها تصخّ الأسماع فتبالغ في إسماعها حتى كادت تصمها، فلشدة صوتها لا تسمع غيرها في ذلك اليوم، فهي تصم الأسماع، وتصيخ لها الأسماع.
ومنها الطامة، كما في قوله: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾ [النازعات:34]، والطامة: تطم على كل أمر هائل مفزع كما في قوله: ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر:46]، فلعظم هولها، وشدة خبرها تعلوه وتغطيه وتطمه.
والثامن عشر أيها المعشر: الغاشية كما في قوله سبحانه: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية:1]، فهي تغشى الناس من أهوال، وتغشى الكفار بالنكال، وتغشى الخلق من جميع الجوانب والأحوال، ومن ذلك يوم الفصل، كما قال –عز وجل-: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾ [النبأ:17]، في ست آيات تتلى، سمي بذلك لأنه –سبحانه- يفصل فيه بين عباده بالحق والعدل، بالثواب والعقاب، بالجزاء والعطاء، يفصل بين عباده في يومٍ لن تنفعكم أرحامكم، ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم، يفصل بين الأب وابنه، والأخ وأخيه، والزوج وزوجته،والخليل وخليله، والكفيل وعماله، والتاجر مع شريكه، والعامل مع أجيره، والإنسان مع خادمه.
والعشرون أيها المؤمنون: يوم الفتح، ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ [السجدة:29]، والفتح: القضاء ومجيء العذاب للكفار والأشقياء، فالله يحكم بين عباده ويقضي بين خلقه، يحكم ويقضي على المؤمنين بالمغفرة، ويقضي على الكفار والعصاة بالشقوة، أن يفتح الله على المؤمنين، ويفتح الله على المؤمنين الأقوات، ويفتح للكفار والمشركين العقاب.
ومن الأسماء والصفات أيها المسلمون والمسلمات: القارعة (الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ) [القارعة: 1-3]، سُميت قارعة تقرع القلوب والأسماع بأهوالها، وعظيم خطبها، وشدة قرعها، وكذا من الأسماء: الواقعة، ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ(2)﴾ [الواقعة:1-2]، سُميت بذلك لتحقق وقوعها وما يقع فيها من الأهوال وخطب الأحوال والشدائد العظام، وقرب وقوعها على الأنام، وأنها واقعة لا محالة ولا انفصام.
والسادس والعشرون، وهو خاتمتها يا مسلمون: يوم الوعيد، كما قال الرحيم الحميد: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ﴾ [ق:20]، فهو يومٌ وعد عباده بوقوعه ووعدهم بإعطائهم وجزائهم ووعدهم بتوفية أعمالهم، ووعد المؤمنين بالجنان، والكفار بالنيران، فهو يوم الوعد والوعيد.
فهذه هي أسماؤها وصفاته باختصار، متعددة المعاني، متفاوتة المباني فإذا كانت هذه هي أسماؤها، فكيف بأحوالها وأهوالها؟!، كل اسمٍ يعطي درسًا عظيمًا في الخوف والوجل، والاستعداد فهذا ما تيسر ذكره من أسماء الآخرة في الآيات القرآنية واضحة، وعددها ثلاثٌ وعشرون صفة وآية.
هذا وبهذه المناسبة في هذا الشهر تتم السنة الميلادية فيحتفل أعداء الله عيد رأس السنة، أو ما يسمى عيد الكريسماس أو الكريسمس، فهو لا يجوز مشاركتهم وتهنئتهم ومبادلتهم التحية، وإرسال الهدية، فهي أعياد يهودية نصرانية، مخالفة للشريعة النبوية، وكذا يحرم حضورها، وإرسال مقاطع صورها.
قال ابن القيم: ولا يجوز للمسلمين حضور أعياد المشركين، باتفاق أهل العلم، وكذا قال عمر: «لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم»، فلا تشاركوهم في أعيادهم وشعائرهم واحتفالاتهم، وهم ممن كفروا بالله ونسبوا له الولد وقالوا: ﴿الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة:30]، (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا) [مريم:88- 92].
وكيف يشارك ويهنئ من كفر بالله المولى؟ ويكثروا سواد أعداء الله، وقد قال تعالى في أوصاف المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان:72]، والزور أعياد اليهود والنصارى والمشركين، قال عمر: "اجتنبوا أعداء الله في عيدهم"، ولا ننهزم مع المنافقين ممن يقول: كن مع الآخرين وتعايش مع الكافرين، وصادق المشركين، ونسي أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، ونسي قوله: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة:22].
ولنحذر من مشاركتهم عبر التواصلات الاجتماعية، وفي الواتس وتويتر وغير ذلك من لقطات صورهم، واحتفائهم واحتفالهم، فالمؤمن عزيز بإيمانه، قوي بعقيدته، متمسك بأصله، ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران:139]، وبعض الناس تشاركهم بالتغريدات والكتابات والرسائل والقص واللصق، وهذا نوع فيه من التعاون على الإثم والعدوان وربنا يقول: ﴿وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
أيها المسلمون: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56]،
صلى الإلهُ على الرسولِ وسلَّما *** ما زقزقَ الطيرُ المسبِّحُ في السَّما
وتجاوزَ الملكُ الرحيمُ بفضله *** عنّا… وأعطانا الرجاءَ تكرُّما
هذا وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينصر دينه وأن يعلي كلمته، والله أعلم.