عناصر الخطبة
أما بعد:
أيها المسلمون: منذ أيام استقبلنا شهر رمضان، وبالأمس ودعناه مرتحلاً عنا، شاهداً لنا أو علينا، وفي صبيحة هذا اليوم الأغر، يوم عيد الفطر المبارك، غدوتم إلى رب كريم، يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، وارجعوا راشدين إلى رحالكم، فإن ربكم قد غفر لكم، ويوم القيامة ينادَى على الصائمين أن ادخلوا الجنة من باب الريان، ثم تلقون ربكم في جنات النعيم فتفرحون بصومكم.
إخواني: شرع لكم نبيُ الهدى بعد رمضان صيام الست من شوال، كما حث على صيام الاثنين والخميس، وعرفة وعاشوراء فصوموها، وحافظوا على الصلاة في وقتها، فإنها أولَ ما تحاسبون عنه يوم القيامة، ومن لم يؤد فريضة الحج بعد فليؤدها قبل أن يحال بينه وبينها، ثم استوصوا بالوالدين خيراً، وترحموا على من مات منهما، تحببوا إلى أبنائكم، وصِلوا أرحامكم وأقاربكم، وأحسنوا إلى الأيتام والأرامل والفقراء، وأوفوا المكيال والميزان، واجتنبوا الغش والكذب في البيع والشراء.
يا معشر التجار: وإياكم والخلوة بالموظفات والسكرتيرات، يا أصحاب المكاتب والإدارات: فإنها محرمة، ويا معشر المسلمين: اجتنبوا الربا في المعاملات، فإنه من السبع الموبقات، وغضوا أبصاركم، واحذروا مصافحة النساء غير المحارم، فإنها من المحرمات. تصدقن -يا معشر النساء- من أموالكن وحليكن لتنقذن أنفسكن من النار، وإياكن والتبرج أو التشبه بالرجال أو مصافحتهم فإن الله حرَّم ذلك.
ويا معشر الرجال: استوصوا بالنساء خيراً، لا تضربوهن بغير حق ولا تقبحوهن، فإن الله يبغض ذلك.
إخواني في الله: والمتأمل في حال الأمة اليوم، وما وصلت إليه من القهر والذل، بات مضطرباً ولسان حاله يقول: هل يمكن أن تقوم للمسلمين قائمة، ويرجعوا إلى عزهم ومكانتهم وقيادتهم للبشرية؟ بعد أن تكالب عليهم أعداؤهم؟ هل يمكن أن تعود الأمة إلى عزها وتنفض غبار النوم عنها؟ وهل سيأتي نصر الله عز وجل بعد كل هذا؟!.
أسئلة مريرة تدل على حالة من اليأس والقنوط تعيشها الأمة من أقصاها إلى أقصاها، لذلك كان من الضروري تسليط الأضواء على هذه الحالة لطرد اليأس وإعادة الأمل إلى قلوب هذه الأمة المباركة المنصورة إلى قيام الساعة، فأقول وبالله التوفيق: لا شك أن كل مسلم يتطلع دائماً إلى نصر الله -عز وجل- لأوليائه المؤمنين، كيف لا يتطلع وهو يقرأ قول الله ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم: 47]. كيف لا يتطلع وهو يقرأ قول الله للمؤمنين: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7]. كيف لا يتطلع وهو يقرأ قول ربه: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]. فنصر الله لهذه الأمة نصر قريب، كما قال ربنا: ﴿أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: 214].
إخواني في الله: لا بد أن نعتقد بأن الحق والعدل أساس في هذا الكون، وأصل في بناء السماوات والأرض، والدنيا بدأت بالحق، وستنتهي بالحق، ويوم القيامة يتجلى الحق في أعلى وأجلّ صوره، ومن هذا الحق أن تعود لأمة الإسلام قيادتها للبشرية، ومن الحق أن يعود حكم الإسلام إلى الأرض كلِّها، ومن الحق والعدل أن تزول هذه الغشاوة، وأن تنقشع هذه الغُمة التي تحياها هذه الأمة.
إخواني في الله: لا يغركم انتفاش ريش اليهود والنصارى على الدنيا بأسرها في هذه الفترة، فإن الله -جل وعلا- يقول: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾ [آل عمران: 196، 197]، فإن الكفر والباطل وإن تسلط فإن تسلطه محدود بقَدَر من الله، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر، لأن الله جعل لكل شيء نهاية. ولنفرض بأن الكفار استطاعوا أن تكون لهم الغلبة مدة الحياة الدنيا كلِّها، مع أن هذا الافتراض ليس بصحيح، ولكن لنفترض ذلك افتراضا، ألسنا نحن المسلمين نعتقد ونؤمن بأن الله قد وعدنا بالآخرة؟ وبالحياة الأبدية الباقية في الجنة؟ فما قيمة الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها مقارنة بالآخرة؟ ألا ترضون أن يأخذوا هم الدنيا وتكون لنا الآخرة؟.
ثم لماذا قص الله -عز وجل- علينا قصة أصحاب الأخدود بهذه الطريقة التي انتهت إليها؟ إنها حادثة مؤلمة جدا، أن يَحْفُرَ الكفار حفراً في الأرض، ثم يؤججوا فيها النيران، ثم يلقوا فيها أناساً أبرياء لا ذنب لهم سوى الإيمان ﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ﴾ [البروج: 7]. ولحكمة فإن الله -عز وجل- لم يذكر في نهاية القصة أنه عاقب أولئك المجرمين أو انتقم منهم, كما أخذ قوم نوح وهود وصالح وشعيبٍ وقومَ لوط، أو كما أخذ فرعون وجنودَه أخذ عزيز مقتدر.
وعند المقارنة الدنيوية وإغفال عالم الآخرة، يكون هؤلاء المجرمون هم المنصورون، وأولئك المؤمنون هم الخاسرون. لكن الله -عز وجل- أخبرنا في هذه الحادثة بهذه النهاية المؤلمة، ليُعْلِمنا وليكشف لنا عن حقيقة أخرى، وهي أن الحياة الدنيا بما فيها من لذائذ وآلام، ومتاع وحرمان، ليست هي القيمة الكبرى في الميزان، وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة، ولكن القيمة الكبرى في ميزان الله -عز وجل- هي قيمة العقيدة، والسلعة الرائجة في سوق الله تعالى هي سلعة الإيمان، وأن النصر في أرفع صوره هو انتصارُ العقيدة على الألم، وانتصارُ الإيمان على الشرك والكفر، ولم يعد مجال المعركة الأرض وحدها، ولا الحياة الدنيا وحدها، وشهود المعركة ليسوا هم الناس الذين شهدوها في وقتها، بل إن الملأ الأعلى يشارك في أحداث الأرض ويشهدها ويشهد عليها ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(9)﴾ [البروج: 8، 9]، فالله -عز وجل- شهيد على هذه الحادثة، وهكذا اتصلت حياة المؤمنين في الأرض بالحياة الباقية الخالدة في الملأ الأعلى، واتصلت الدنيا بالآخرة، ولم تعد الأرض وحدها هي مجال المعركة بين الخير والشر، ولم تعد الدنيا هي خاتمة المطاف، ولا موعد الفصل في هذا الصراع.
لقد انفسح المجال في المكان والزمان، والقيم والموازين، واتسعت آفاق النفس المؤمنة، وكبرت اهتماماتها، فصغرت الأرض وما عليها، والحياة الدنيا وما يتعلق بها، وكبر المؤمن بمقدار ما معه من إيمان غيبي، وأخبر عن العقاب الأخروي لهؤلاء المجرمين فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج: 10]. أما أولئك الذين صبروا، وأحرقتهم تلكم النار في هذه الدنيا، فيقول الله -عز وجل- في شأنهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾ [البروج: 11]، هذا هو الميزان، ذلك الفوز الكبير. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى لو أجرينا -إخواني- مقارنة بين الكفر والإسلام، لوجدنا أن دين الله قديماً وحديثاً هو الغالب، وهو المسيطر مدة أطول من سيطرة الكفار، فهل تعلم أخي أن الناس بعد آدم -عليه الصلاة والسلام- بقوا مدة عشرة قرون على التوحيد والإسلام؟!. وهل تعلم أن هذه الأمة المحمدية المباركة بقيت حاكمة منذ بعثة نبيها إلى زمن سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924، أكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان وهي أمة ظافرة منتصرة، بيدها تدبير كثير من أمور الدنيا حتى الأمم الكافرة، وهذه هي التي طالما تغنى بها كثير من شعراء المسلمين عندما قالوا:
ملكنـا هـذه الدنـيـا قـرونــا *** وأخضعها جدودٌ خالدونــا
وسـطَّرنا صحائـف من ضيـاء *** فما نسي الزمان ولا نسينـا
حمَلناهــا سـيوفـا لامعــاتٍ *** غـداةُ الروع تأبى أن تلينـا
إذا خرجـت من الأغمـاد يومـا *** رأيت الهول والفتح المبينـا
وكنـا حيـن يـأخذنـا ولــي *** بطغيان ندوس لـه الجبينـا
وكنـا حيـن يرمينـا أنــاس *** نؤدبهـم أُباةً صـابـريـن
وما فتـئ الزمـان يـدور حتى *** مضى بالمجد قوم آخـرون
وأصبح لا يُرى في الركب قومي *** وقـد عاشـوا أئمته سنينا
إذاً أكثرَ من ألفٍ وثلاثمائةِ عام والأمة الإسلامية أمة عظيمة يرهبها الشرق والغرب، ولعله يكفي مثالا واحدا فقط قصة هارون الرشيد عندما قال وهو يخاطب سحابة: "أمطري حيث شئتِ؛ فسيأتي إليَّ خراجك" هذا ما كان في الماضي.
وما سيطر الكفار إلا بعد سقوط الخلافة العثمانية، يعني منذ سبع وسبعين سنة، فكيف تقارن أخي سبعاً وسبعين سنة أو مائة سنة سيطرت فيها حضارات زائفة مادية منحرفة، وتنسى ثلاثة عشر قرناً كان المسيطر فيها هو دين الله، وشرع الله، وتوحيد الله؟!.
أما عن مستقبل هذه الأمة فقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المعركة الفاصلة مع اليهود على نهر الأردن كما حددها عندما قال: "أنتم شرقيه، وهم غربيه, حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله: هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله".
ومن دلائل نصر هذه الأمة في آخر الزمان، نزول عيسى بن مريم على المنارة البيضاء شرقي دمشق وتجمع المسلمين عليه.
ومن دلائل النصر في آخر الزمان خروج المهدي وقيادته لهذه الأمة كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-. ومن دلائل النصر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن أمتي كالغيث لا يدرى خيرٌ أولُه أو آخرَه" أولـه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وآخره عيسى بن مريم والمهدي، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جورا وظلما. إذاً لا يجوز أن نقارن لحظة معينة من عمر التاريخ وننسى الماضي كله، والمستقبل كله. وتسلط الكفار في هذا الوقت إنما هو تسلط مؤقت بقدر من الله -عز وجل-، ولحكمة منه -سبحانه وتعالى-، ودين الله غالب، ونصر الله قريب، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]. فهذه الأمة منصورة بإذن الله تعالى، فقط تحتاج إلى من ينفض عنها الغبار.
إخواني في الله: ربما يقتل أناس من هذه الأمة، وربما تباد جماعات ومجتمعات، وربما تسقط دول وتذهب أسماء وشعارات، وهذا كله صحيح، لكن الإسلام باق، والذي يريد أن يواجه الإسلام، أو يحارب الإسلام مسكين، مثله كمثل الفراشة التي تحاول إطفاء نور الكهرباء، والله متم نوره ولو كره الكافرون، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [الصف: 9].
وإن هذا الدين هو سر بقاء هذه الأمة ووجودِها، وهذه الأمة إنما خلقت للإسلام، ووجدت للإسلام، والذي يريد أن يقضي على الإسلام فليقض على هذه الأمة، وهل يستطيع أحد أن يقضي على هذه الأمة، هيهات ثم هيهات!!. فهذه الأمة موعودة بالبقاء، وليس بالبقاء فقط بل بالنصر والتمكين، ولا يزال الله -عز وجل- يخرج لهذه الأمة في كل مرحلة من تاريخها علماء ودعاة وقادة ومجاهدين يستعملهم في خدمة هذا الدين، ولن يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا وسيدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله، كما قال عليه الصلاة والسلام.
كم دفن الناس من طاغية؟ كم دفن الناس من كافر محارب لله ورسوله؟ كم دفن من زنديق؟ كم دفن الناس من كافر؟ كم دفن الناس من منافق وملحد؟ فرعون مضى، النمرود مضى، أبرهة مضى، أبو جهل مضى، هولاكو مضى، جنكيز خان مضى، وقروناً بين ذلك كثيراً، حتى رؤساء الكفر والضلال في هذا الزمان, سوف يأتي يوم ويدفنهم أصحابهم، فقط صبر جميل واستعانة بالله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إخواني في الله: إن هذا الدين هو كلمة الله -عز وجل-، ولا إله إلا الله هي كلمة الإسلام، ومن ذا الذي يستطيع أن يُطفئ نور هذه الكلمة؟.
أتُطفِـئ نـورَ الله نفخـةُ كـافـر *** تعالى الذي في الكبرياء تفـردَّا
إذا جلجلت الله أكبر في الـوغـى *** تخاذلت الأصوات عن ذلك الندا
ومن خاصم الرحمن خابت جهوده *** وضاعت مساعيه وأتعابه سُدى
ونقول اليوم لأمريكا: لست أول من حارب الإسلام، بل حاربه قبلك الكثير، لكن ماذا كانت النتيجة؟ أهلك الله كل من وقف في طريق الإسلام، وأبقى الله الإسلام شامخاً، وسيبقى بموعود الله ورسوله، وها هو الإسلام الآن بدأ يتململ في أوربا وأمريكا.
إخواني في الله: ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها الإسلام والمسلمون في كل مكان، إلا أن المستقبل للإسلام، وتدبروا معي ما تقوله الكلمات الغربية، لأن كثيراً من الناس لا يصدقون الوحي إلا إذا جاء تصديقه من أوربا وأمريكا، أوردت مجلة التايم الأمريكية الخبر التالي: (وستشرق شمس الإسلام من جديد، ولكنها في هذه المرة تعكس كل حقائق الجغرافيا، فهي لا تشرق من المشرق كالعادة، وإنما ستشرق في هذه المرة من الغرب).
من قلب أوروبا تلك القارة التي بدأت المآذن فيها تناطح أبراج الكنائس في باريس ولندن ومدريد وروما، وصوتُ الأذان كل يوم في تلك البلاد خمس مرات، خيرُ شاهد على أن الإسلام يكسب كل يوم أرضاً جديدة وأتباعاً.
ويكفي أن تعلم أخي أنه قد بلـغ عدد المساجد في قلب قلعة الكفر -أمريكا- ما يقرب من ألفي مسجد، وفى ولاية نيويورك فقط مائة وخمسة وسبعون مركزاً ومسجداً إسلامياً والحمد لله، بل وتحتضن إيطاليا وحدها مائة وعشرين مسجدًا، أبرزها مسجد روما الكبير. أما جريدة الصانداي تلغراف البريطانية فتقول: "إن انتشار الإسلام مع نهاية هذا القرن ومطلع القرن الجديد ليس له من سبب مباشر إلا أن سكان العالم من غير المسلمين بدؤوا يتطلعون إلى الإسلام، وبدؤوا يقرؤون عن الإسلام فعرفوا من خلال اطلاعهم أن الإسلام هو الدين الوحيد الأسمى الذي يمكن أن يُتبع، وهو الدين الوحيد القادر على حل كل مشاكل البشرية".
مجلة لودينا الفرنسية بعد دراسة قام بها متخصصون تقول الدراسة: "مستقبل نظام العالم سيكون دينياً، وسيسود النظام الإسلامي على الرغم من ضعفه الحالي، لأنه الدين الوحيد الذي يمتلك قوة شمولية هائلة" لم لا وهو دين الله، الذي أنزله للعالمين.
وقال رئيس شرطة المسلمين وهو ضابط أمريكي أكرمه الله بالإسلام قال: "الإسلام قوي جداً جداً في أمريكا، وينتشر بقوة في الشرطة الأمريكية".
إخواني في الله: وبعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن، ازداد في العالم الغربي الإقبال على فهم الإسلام بصورة غير متوقعة، وأصبحت نسخ القرآن الكريم المترجمة من أكثر الكتب مبيعاً في الأسواق الأمريكية والأوربية حتى نفدت من المكتبات، لكثرة الإقبال على اقتنائها، وتسبب ذلك في دخول الكثير منهم في الإسلام.
كما أعلنت دار نشر (لاروس) الفرنسية الشهيرة أنها بصدد إعادة طباعة ترجمة القران الكريم بعد نفادها من الأسواق. ونشرت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر 23/10/2001، مقالاً ذكرت فيه أن بعض الخبراء الأمريكيين يقدرون عدد الأمريكيين الذين يعتنقون الإسلام سنويا بخمسة وعشرين ألف شخص، وأن عدد الذين يدخلون دين الله يومياً تضاعف أربع مرات بعد أحداث 11 سبتمبر حسب تقديرات أوساط دينية.
وإليكم الآن بعض كلمات من دخلوا في الإسلام حديثاً: هذه ضابطة أمريكية أسلمت، وجاءت في اليوم التالي تلبس الحجاب، فقال لها رئيسها: ما هذا؟! قالت: لقد أسلمت قال: لا حرج، لكن اخلعي هذا الثوب، فقالت: لا، وردت بقول عجيب أتمنى أن تستمع إليه كل مسلمة متبرجة، قالت: إن الله هو الذي أمرني بالحجاب، ولا توجد سلطة على وجه الأرض تملك أن تنـزع عنى هذا الحجاب إلا بأمر الله!!
وهذه كاتبة وصحفية أمريكية اسمها (سميرة) Jemmah سابقاً، بعد أن نطقت بالشهادتين قالت: منذ دخولي في الإسلام امتلأ قلبي بالراحة والطمأنينة والسعادة.
والمدهش أن أحد التقارير الأمريكية التي نشرت قبل شهر تقريباً ذكر أن عدد الداخلين في الإسلام بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر قد بلغ أكثر من ثلاثين ألف مسلم ومسلمة، وهذا ما أكده رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكي حيث قال: إن أكثر من 24 ألف أمريكي قد اعتنقوا الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهو أعلى مستوى تحقق في الولايات المتحدة منذ أن دخلها الإسلام.
وآخر الأخبار التي طالعتنا هذا الأسبوع أن ديا ريتشارسون الأميركية المدمنة للخمر، ومن رواد الملاهي الليلية، وأعمامها الثلاثة قسيسون، استمعت للقرآن الكريم من طفل فأسلمت على الفور، كما نشرت قصتها صحيفة لوس أنجلوس تايمز.
والأقوى من ذلك كله أن حاكمة ولاية ماست شوس تس الأمريكية وافقت -بعد اجتماعها مع المسلمين- على إدخال مادة لتعليم الإسلام في المدارس لتوعية الشعب الأمريكي بالدين الإسلامي.
ونظرا لإقبال الغرب على الإسلام حذر أسقف إيطالي بارز من (أسلمة أوروبا). وفي مدينة بولونيا الإيطالية حذر أسقف آخر من أن الإسلام سينتصر على أوروبا إذا لم تغد أوروبا مسيحية مجددًا.
ولم يقتصر الأمر على هؤلاء بل وصل الخوف إلى بابا الفاتيكان الذي صرخ بذعر في وثيقة التنصير الكنسي لكل المنصرين على وجه الأرض قائلاً: "هيا تحركوا بسرعة لوقف الزحف الإسلامي الهائل في أنحاء أوربا".
ونحن نقول للمسلمين: إن مستقبل الغرب الآن بدأ للإسلام، وبوادر الفتح الإسلامي لأوروبا بات وشيكاً، تحقيقاً لما أخبر به الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله" رواه مسلم عن نافع بن عتبة.
وتدبروا معي هذا الحديث الذي يسكب الأمل في قلوب الأمة صباً، فعن عبد الله بن عمرو قال: سُئِلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ" رواه الإمام أحمد وصححه الألباني. والقسطنطينية: عاصمة الكنيسة الشرقية، وروما: عاصمة الكنيسة الغربية.
وقد وقع الفتح الأول، يعني فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح بعد ستة قرون من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما أخبر به تماماً، وسيقع الفتح الثاني، يعني فتح روما ـ عاصمة الفاتيكان حاليا ـ سيقع بإذن الله ومشيئته، وهذا ما تخشاه أوروبا وبابا الفاتيكان كما سمعتم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
فهيا أيها المسلمون في كل مكان: تحركوا بكل ما تملكون من وسائل وإمكانيات، وبينوا الصورة المشرقة للإسلام، فالإسلام الآن متهم في الغرب بالإرهاب والتطرف شئنا أم أبينا، فإن كنت -أخي- تعرف زميلاً لك في أي مكان، فأرسل إليه رسالة، أو أهد إليه كتاباً أو شريطاً عن الإسلام، وافعل ذلك مع جيرانك وزملائك في العمل، المهم أن تبذل شيئاً للإسلام، وأنت سفيرُ الإسلام في هذه البلاد شئت أم أبيت، فهيا تحرك لخدمة دين الله تعالى، واعلم أن الكون لا يتحكم فيه الأمريكان، ولا يدير دفته الأوروبيون، بل إن الذي يدبر أمر الكون هو ملك الملوك -سبحانه وتعالى-.
وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، تقبل الله منا ومنكم وكل عام وأنتم بخير.