سلسلة أركان الإيمان أولا (الإيمان بالله)

عبد الله بن علي الطريف

عناصر الخطبة

  1. حديث جامع عظيم المعاني
  2. الركن الأول من أركان الإيمان
  3. من أدلة وجود الله تعالى
  4. جمال الخلق وعظمة الإبداع في الكون
  5. إجابة دعوات الملهوفين والمكروبين
  6. مقتضيات الإيمان بالله سبحانه
  7. للإيمان بالله ثمرات جليلة وفوائد جمة.

الخطبة الأولى:

الحمد لله..

أما بعد أيها الإخوة: روى البخاري ومسلم واللفظ لمسلم، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الشَّعْرِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا: مَا نَعْرِفُ هَذَا وَلَا هَذَا صَاحِبُ سَفَرٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ آتِيَكَ. قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ: فَجَاءَ فَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ، وَيَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، فَقَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: "الْإِسْلَامُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحده، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ". قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ". قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: "أَنْ تَعْمَلَ كَأَنَّكَ تَرَى، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاه فَإِنَّكَ تُرَى". قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ". قَالَ: فَمَا أَشْرَاطُهَا؟ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ، وَوَلَدَتِ الْإِمَاءَ أَرْبَابَهُنَّ". ثُمَّ قَالَ: "عَلَيَّ بِالرَّجُلِ" فَطَلَبُوهُ، فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَلَبِثَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ قَالَ: "يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ عَنْ كَذَا وَكَذَا؟" قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: "ذَاكَ جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ".

أيها الإخوة: هذا حديث عظيم قال عنه القاضي عياض -رحمه الله-: "هذا الحديث قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود الإيمان وأعمال الجوارح، وإخلاص السرائر، والتحفظ من آفات الأعمال، حتى إن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه". وقال القرطبي: "هذا الحديث يصلح أن يقال له: أُمّ السُّنة, لما تضمنه من جمل علم السنة".

الإيمان بالله –تعالى- هو الركن الأول من أركان الإيمان، هو الأصل الأصيل الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض، وخلق الجنة والنار، ونصب الميزان وضرب الصراط. والإيمان بالله يتضمن أربعة أمور هي: الإيمان بوجود الله.. والإيمان بربوبيته.. والإيمان بألوهيته.. والإيمان بأسمائه وصفاته..

ولقد فطر الله –سبحانه- كلَّ مخلوق على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟" ومعناه: أن البهيمة تلد بهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها من الناس؛ كما أن تغيير دين المولود يكون من الناس.

 ثُمَّ يَقُولُ: أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ﴾ [الروم: 30] (رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ). وفي رواية: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَ عَنْهُ لِسَانُهُ".

أيها الأحبة: لقد دل العقل على وجود الله -تعالى-؛ فهذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بُدّ لها من خالق أوجدها؛ إذ لا يمكن أن تُوجد نفسها؛ لأنها قبل وجودها معدومة؛ فكيف تكون خالقة؟!

ولا يمكن أن توجد صدفة؛ لأن كل حادث لا بد له من محدث.. ولأن وجودها على هذا النظام البديع والتناسق المتآلف والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها يمنع أن يكون وجودها صدفة، وإذا لم يمكن أن توجد نفسها ولا أن توجد صدفة فيتعين أن يكون لها موجداً وهو رب العالمين..

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، -قبل إسلامه- فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ، أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ) [الطور: 35- 37]"، قَالَ: كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ. (رواه البخاري).

"كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ" قارب قلبي الطيران لما سمع هذه الآية مما تضمنته من بليغ الحجة. والقائل هو جبير بن مطعم -رضي الله عنه- وكان سماعه لهذه الآية من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام..

أيها الإخوة: ثم إن إجابة دعوات الملهوفين والمكروبين وغيرهم ممن يدعون الله -سبحانه وتعالى- من الأنبياء وغيرهم فيستجاب لهم ويحصل لهم مقصودهم دليلٌ على وجود الله -سبحانه وتعالى-. قال الله -تعالى- عن نوح عليه السلام: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ(13)﴾ [القمر:10-13].

وهذا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يدعو فيستجاب له مباشرة فقد حدث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَ المَالُ وَجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الغَدِ وَبَعْدَ الغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ، حَتَّى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ – أَوْ قَالَ: غَيْرُهُ – فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا"، فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ، وَصَارَتِ المَدِينَةُ مِثْلَ الجَوْبَةِ، -الفجوة ومعناه: تقطع السحاب عن المدينة وصار مستديرًا حولها وهي خالية منه-، وَسَالَ وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. وفي رواية: وَمَا تُمْطِرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً، فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الْإِكْلِيلِ. (رواه البخاري ومسلم).

أحبتي: ما زالت إجابة الداعين أمراً مشهوراً إلى يومنا هذا لمن صدق باللجوء إليه -سبحانه- وأتى بشروط الإجابة.

ثم إن آيات الله التي أجرها الله على أيدي الأنبياء وتسمى المعجزات بُرهان قاطع على وجود مرسلهم، وهو الله -سبحانه وتعالى-. فهي أمورٌ خارجةٌ عن نطاق البشر وطاقتهم يجريها اللهُ -تعالى- على أيدي رسله؛ تأييداً لهم ونصراً على من عارضهم وكفر بهم.

فموسى كليم الله -عليه السلام- يضرب بعصاه البحر فينفلق البحر اثني عشر طريقاً يابساً بالبحر والماء بينها كالجبال. ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- تطلب منه قريش آية فيشير إلى القمر فينفلق فلقتين ورآه الناس..

ومما يتضمنه الإيمان بالله -تعالى- الإيمان بربوبيته: أي أنه رب واحد لا شريك له ولا معين. ومعنى الرب: من له الخلق والملك والأمر، وأمره –سبحانه- شامل للأمر الكوني والشرعي. ولم يعلم أن أحداً من الخلقِ أنكرَ ربوبية الله –سبحانه- إلا أن يكون مكابراً غير معتقدٍ بما يقول كما حصل من فرعون حين قال ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: 24].

ومما يتضمنه الإيمان بالله -تعالى- الإيمان بألوهيته: أي بأنه وحده الإله الحق لا شريك له. والإله بمعنى المألوه أي المعبود محبة وتعظيماً. قال الله -تعالى-: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة:163]، فعلى المسلم أن يعتقد أن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة بجميع أنواعها، وأنه يجب إفراده بها من صلاة وزكاة صيام، وحج ودعاء، وذبح ونذر، واستعانة واستغاثة، وطواف وجهاد، وغيرها من العبادات.. فلا يدعو إلا الله ولا يذبح إلا لله، وباسم الله، ولا ينذر إلا لله، ولا يستعين ولا يستغيث إلا بالله.. ولا يطوف إلا ببيت الله تعبداً لله.

أحبتي: وأما دعاء غير الله، ولو كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو الذبح لغير الله ولو كان ولياً من الأولياء، أو الطواف على قبر أو ضريح، ولو كان قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو شرك بالله مخرج عن الملة، نعوذ بالله من ذلك.

ومما يتضمنه الإيمان بالله -تعالى- الإيمان بأسماء الله وصفاته: أي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو سنة رسوله من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به –سبحانه- من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.. قال الله -تعالى-: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف:180].

وقال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11] والتعطيل هو إنكار أسماء الله -تعالى- وصفاته أو بعضها. وقد ضل في هذا الباب من ضل من المسلمين، نسأل الله لهم العفو العافية إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..

الخطبة الثانية:

الحمد لله المتفرد بالجلال والعظمة، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه وحكمه.. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نبي المرحمة صلى الله عليه وعلى آله, أصحابه أولى العزم المكرمة وعلى من اهتدى بهديه وسلم تسليما كثيراً.

أما بعد أيها الإخوة: اتقوا الله حق التقوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى واحذروا أسباب سخط الجبار؛ فإن أجسادكم على النار لا تقوى.

أيها الإخوة: اعلموا أن للإيمان بالله -تعالى- على ما ذكرنا ثمرات جليلة وفوائد جمة، وفضائل كثيرة منها.

الأمن التام والاهتداء التام؛ فبحسب الإيمان يحصل الأمن والاهتداء في الدنيا والبرزخ والآخرة قال الله -عز وجل-: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام:82]، قال السعدي -رحمه الله-: "الظلم هنا الشرك والمعاصي"، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقًا، لا بشرك، ولا بمعاصٍ، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة. وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها.

ومنها الاستخلاف في الأرض والتمكين والعزة قال الله -تعالى-: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا(55)﴾ [النور:55].

ومنها الحياة الطيبة للمؤمنين الحافلة بكل ما هو طيب من طمأنينة القلب، وسكون النفس، وعدم الالتفات لما يشوش القلب، ويرزقهم الرزق الحلال الطيب من حيث لا يحتسبون. قال الله -تعالى-: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل:97].

ومنها نزول البركات من السماء وحلول الخيرات في الأرض قال الله -تعالى-: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ(96)﴾ [الأعراف:96].

ومنها: أن الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح وعدهم الله بأن يجعل لهم ودًّا أي: محبة وودادًا في قلوب أوليائه، وأهل السماء والأرض، وإذا كان لهم في القلوب ود تيسر لهم كثير من أمورهم وحصل لهم من الخيرات والدعوات والقبول مالا يحصل لغيرهم قال الله -تعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم:96].

ومنها الهداية لكل خير، قال الله -تعالى-: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ(11)﴾ [التغابن:11].

وأعظم هذه النعم وأجلها نعمة الثبات على الحق، وزيادة الإيمان بسب الثبات، قال الله -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد:17]، فذكر للمهتدين جزاءين: العلم النافع، والعمل الصالح. جعلنا الله وإياكم منهم..


تم تحميل المحتوى من موقع